من ناحية المانع فلم يتّضح وجهه ، مضافاً إلى أنّه لا معنى لكون الشرط محصّلاً للصحّة الفعلية كي تكون هذه الصحّة ملازمة للصحّة الفعلية من ناحية المانع ، فإنّ الشرط لو كان موجوداً وجداناً لم يكن محصّلاً للصحّة الفعلية ، وإنّما أقصى ما فيه هو حصول الصحّة من ناحيته ، ومن الواضح أنّه لا ملازمة بين كون الشيء صحيحاً من ناحية الشرط مع فرض طروّ المانع عليه ، كما لو كان ثوب المصلّي مثلاً طاهراً لكن كان هو أو غيره ممّا لا يؤكل لحمه.
وحينئذ نقول : إنّه قدسسره لو اقتصر في بيان التعارض بناءً على كون الطهارة شرطاً والحدث مانعاً على كون استصحاب الحدث الأصغر بحدّه يقتضي صحّة الصلاة مع الوضوء ، واستصحاب الحدث الكلّي يقتضي بطلانها ، توجّه عليه الإشكال الذي تضمّنته « إن قلت » الثانية ، فإنّ وجود الشرط لا يحقّق الصحّة من جميع الجهات ، وإنّما يحقّق الصحّة من ناحية نفسه ، فلا يصلح لمعارضة استصحاب كلّي الحدث القاضي ببطلان الصلاة بقول مطلق.
ثمّ إنّه لو سلّمنا التعارض والتساقط لم يتمّ الرجوع إلى ذلك الحكم التعليقي كما أنّه لا يتمّ قوله : وجود المانع أيضاً ينتج بأنّ عدم الصحّة من قبله لا عدمها من جميع الجهات (١).
وبالجملة : أنّ الصحّة قابلة لأن تكون مضافة ، بمعنى أنّ هذا الموجود صحيح لو لم يكن في البين وجود المانع ، نظير ما نقول إنّ هذه الأجزاء صحيحة
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٩ [ لا يخفى أنّ المذكور في الطبعة القديمة : وجود المانع أيضاً ينتج بأنّ عدم الصحّة من قبله لا فتحها من جميع الجهات. وفي الطبعة الحديثة صحّحت العبارة هكذا : وجود المانع أيضاً ، وهو يفتح باب عدم الصحّة من قبله ، لا فتحها من جميع الجهات ].