وقال السيّد ( سلّمه الله تعالى ) فيما حرّره عنه قدسسره : فإذا أُحرز أحد الجزأين بالوجدان والآخر بالأصل ، فلا محالة يتحقّق موضوع وجوب الوضوء شرعاً الرافع للحدث والمبيح لكلّ ما هو مشروط بالطهارة ، فالشكّ في بقاء الحدث ناشٍ عن الشكّ في تحقّق الجنابة المأخوذ عدمها في موضوع التكليف بالوضوء ، فمع إحرازه بضمّ الوجدان إلى الأصل يكون التكليف الفعلي هو وجوب الوضوء الرافع للحدث شرعاً ، فلا يبقى مجال لاستصحابه (١).
وهذه الكلمات كلّها ظاهرة في أنّ مراده هو كون موضوع وجوب الوضوء الذي هو رافع الحدث هو الحدث مع عدم الجنابة ، فلابدّ من إدخال رافعية الوضوء للحدث في جملة كلماته ، لكن هذا التحرير خال منها.
وعلى كلّ حال ، فإنّ موضوع رافعية الوضوء للحدث ليس هو مجرّد عدم الجنابة كما ذكره شيخنا العراقي في قوله : وتوهّم أنّ الوضوء في حال عدم الجنابة كان رافعاً لأصل طبيعة الحدث الخ ، بل هو الحدث الأصغر مع عدم الجنابة كما أفاده في آخر هذه العبارة بقوله : وإن كان الموضوع المحدثَ بالأصغر الذي لم يكن جنباً الخ.
وبناءً على ذلك لا يتوجّه على شيخنا قدسسره ما أفاده في المقالة بقوله : مدفوع بأنّ رفع الوضوء الحدث ـ إلى قوله ـ وحينئذ فمع الشكّ في وجود الطبيعي المردّد بينهما وجداناً ، لا يجدي الأصل المزبور مع الوجدان المذكور في رفع الشكّ عن بقاء أصل الطبيعة الخ (٢) فإنّ إحراز النوم بالوجدان وعدم الجنابة بالأصل قاضٍ بأنّ حدثه الفعلي هو الأصغر ، ومع الحكم بأنّ حدثه الفعلي بعد طروّ احتمال الجنابة
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٩٨.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٦.