ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ مفاد الآية الشريفة بعد التقييد المزبور الحاصل من المقابلة ، أو من الدليل الخارجي الدالّ على خروج الجنابة عن قوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ ) هو ما عرفت من القيام من النوم مع عدم الجنابة ، وأنّ ذلك هو المراد لشيخنا قدسسره لا ما ذكره في المقالة بعنوان التوهّم (١).
وحينئذ لا يرد على شيخنا قدسسره ما أفاده في المقالة بقوله : مدفوع بأنّ رفع الوضوء الحدث في تلك الحال من جهة انحصار الطبيعة بالأصغر وجداناً الخ (٢).
ولا يرد عليه أيضاً ما أفاده من أنّ ظاهر الآية الشريفة هو مجرّد أنّ الوضوء رافع لأثر النوم على حذو كون الغسل رافعاً لأثر الجنابة ، وأنّ رفع الطبيعة في كلّ منهما بالملازمة العقلية الناشئة من انحصار الفرد من آثار النوم في حال عدم الجنابة شرعاً ، وحينئذ فمع الشكّ في وجود الطبيعي المردّد بينهما وجداناً ، لا يجدي الأصل المزبور مع الوجدان المذكور في رفع الشكّ عن بقاء أصل الطبيعة الخ (٣) فإنّ هذه الكلمات إنّما تتوجّه لو كان مراد شيخنا قدسسره هو مجرّد الاعتماد على أصالة عدم الجنابة في حال أثر النوم ، وقد عرفت مراده بما لا تتوجّه عليه هذه الكلمات ، كما أنّك قد عرفت أنّ مفاد الآية الشريفة ليس هو مجرّد كون الوضوء رافعاً لأثر النوم ، بل هو أمر آخر ، ويكون المتحصّل هو دخول المسألة في إحراز أحد جزأي الموضوع بالوجدان والآخر بالأصل ، وأنّه لا يتصوّر القدر الجامع بين القسمين اللذين تضمّنتهما الآية الشريفة ، كي يكون المرجع بعد الوضوء هو استصحاب ذلك القدر الجامع.
وإنّما قلنا إنّ مفاد الآية الشريفة بعد التقييد بالعدم المزبور من قبيل التركّب
__________________
(١و ٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٦.
(٣) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٦.