شاهد فيه على كونه رافعاً لأثر الحدث الأصغر ، بل هو حكم تعبّدي صرف ، نظير استحبابه للأكل والشرب المقرون بغسل اليدين والمضمضة والاستنشاق أو غسل اليدين فقط على نحو التخيير أو الترتيب ، سيّما إذا نظرنا إلى وجود هذا الحكم عند الجنابة وحدها من دون أن يكون في البين حدث أصغر ، فإنّ الظاهر أنّ الوضوء مستحبّ في حقّه أو هو رافع للكراهة ، فليس ذلك الوضوء رافعاً لأثر الحدث الأصغر.
ثمّ بعد تسليم هاتين الدعويين تدخل المسألة في القسم الأوّل من الثالث من الكلّي ، وقد تقدّم الإشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه ، سيّما إذا قلنا بالصورة الثالثة ، وأنّ الاختلاف بينهما في الشدّة والضعف الذي بنى الأغلب على جريان الاستصحاب فيه ، لعدم الفرق في ذلك بين كون الشكّ في قوّة الطارئ وتردّده بين كونه مزيلاً للموجود بجميع مراتبه وكونه لا يزيل إلاّبعض مراتبه ، كما لو اتّصف الجسم بالسواد الشديد ، وقد وقع عليه الماء وشككنا في أنّه أزال تمام ذلك السواد ، أو أنّه لم يزل به إلاّ المرتبة الشديدة ، وبين كون الشكّ في قوّة الموجود ، وأنّه هل هو بالمرتبة الشديدة التي لا يزيلها بتمامها هذا المقدار من الماء بل إنّما يزيل مقداراً منها ويبقى منها مقدار آخر ، أو أنّه بالمرتبة الضعيفة التي يزيلها هذا المقدار ، كما لو علمنا بوجود النور في الغرفة وهبّت ريح عاصفة ، فإن [ كان ] الموجود فيها هو السراج النفطي فقط فقد زال النور فيها ، وإن كان معه ضياء كهربائي فقد ارتفع منها مقدار وهو المستند إلى النفطي ، وبقي المستند إلى الكهربائي.
وما نحن فيه من الحدث الأصغر والأكبر على تقدير الصورة الثالثة التي هي الاشتداد عند الاجتماع ، لو قلنا بأنّ الوضوء رافع لتلك المرتبة من الأصغر