القسم الثاني ، هو أنّ القسم الثاني من قبيل الانعدام والانوجاد ، وفي اصطلاحهم من قبيل النزع واللبس ، بخلاف القسم الثالث فإنّه من قبيل التبدّل مع وحدة مستمرّة ، فلا يكون من قبيل النزع واللبس ، بل من قبيل اللبس فاللبس مع وحدة مستمرّة ، ولأجل هذه الوحدة يكون الاستصحاب فيه جارياً ، وهو على قسمين : لأنّه إمّا أن يكون من قبيل التدريجيات كالزمان ونحوه ممّا يكون تدريجياً كالحركة والتكلّم ، وإمّا أن يكون من قبيل المراتب ، فالأوّل يجري فيه الاستصحاب ، لأنّه شيء واحد مستمرّ وإن تبدّل من شخص إلى آخر ، والثاني أيضاً يجري فيه الاستصحاب ، من جهة كون الفرد الثاني منه وهو الضعيف موجوداً في ضمن الفرد الأوّل وهو الشديد ، غاية الأمر أنّه عند وجود الفرد الشديد يكون الفرد الضعيف مندكّاً في ضمنه ، بمعنى أنّه لا يكون بحدّه موجوداً ، بل يكون في حدّ ذاته متحقّقاً في ضمنه ، وبعد ارتفاع الفرد الأوّل لو احتمل بقاء الفرد الثاني يتحدّد الفرد الثاني ، فإنّ السواد الضعيف موجود مندك في ضمن السواد الشديد ، وعند ارتفاع السواد الشديد يتحدّد السواد الضعيف ، فمع احتمال أنّ المرتفع هو المرتبة الشديدة لا مانع من استصحاب كلّي السواد الذي كان قد حصل اليقين بوجوده ، مع فرض الشكّ في بقائه ولو في ضمن المرتبة الضعيفة ، التي على تقدير بقائها تتحدّد بحدّها الضعيف.
قوله : لا أقول إنّ العدم الأزلي يتبدّل إلى عدم آخر ، فإنّ ذلك واضح البطلان ، بل العدم في حال حياة الحيوان هو العدم الأزلي قبل حياته ، غايته أنّه قبل الحياة كان محمولياً لعدم وجود معروضه ، وبعد الحياة صار نعتياً لوجود موضوعه ... الخ (١).
لا يخفى أنّ كون العدم السابق على وجود الحيوان ليس بموضوع للحكم لا
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٣٣.