ومنها : إبقاء ما كان في الزمن الثاني تعويلاً على ثبوته في الزمن الأوّل.
أمّا ما ذكره شيخنا قدسسره من أنّ الاستصحاب هو الحكم ببقاء ما كان ، الذي هو تعريف الكفاية ، فقد أورد عليه قدسسره ما أورده ، واختار لتعريف الاستصحاب : أنّه عبارة عن عدم انتقاض اليقين السابق المتعلّق بالحكم أو الموضوع من حيث الأثر والجري العملي بالشكّ في بقاء متعلّق اليقين.
ولا يخفى أنّ عدم الانتقاض ليس هو الاستصحاب ، فكان التعبير بعدم النقض أولى ، وحيث إنّ عدم النقض إنّما يتحقّق بالجري العملي على طبق الحالة السابقة ، فالأولى تعريفه : بأنّه الأخذ من حيث الأثر العملي بمقتضى المتيقّن السابق من حكم أو موضوع ذي حكم بعد طروّ الشكّ في بقاء ذلك المتيقّن ، فإنّ الاستصحاب ليس من مقولة الأحكام ، وإنّما هو من أعمال المكلّف. نعم إنّ المستند في هذا العمل هو الأخبار أو بناء العقلاء أو الظنّ النوعي أو الشخصي الحاصل من اليقين السابق ، ولو بملاحظة غلبة البقاء بعد الوجود ، كلّ على مسلكه في أدلّة الاستصحاب ، وليس نفس الاستصحاب من الحجج الشرعية أو العقلية ، ولا هو من الأدلّة ، بل هو عمل يحتاج إلى دليل ، فلاحظ وتأمّل.
نعم ، لك أن تقول : إنّه الحكم ببقاء ما كان ، باعتبار كون المكلّف لمّا أخذ من حيث العمل بما كان ، فكأنّه بنى على بقائه ، والبناء على البقاء حكم منه بالبقاء.
ولكنّه مع ذلك لا يخلو عن تأمّل ، لأنّ الحكم بالبقاء إن كان عبارة عن عقد القلب عليه والاعتقاد به ، بأن يعتقد أوّلاً بقاء الشيء ثمّ يرتّب أثره ويعمل على طبقه ، فذلك عبارة أُخرى عن لزوم الاعتقاد ، وقد حقّق في محلّه عدم لزومه في الأحكام الشرعية الواقعية ، فضلاً عن الأحكام الظاهرية. وعلى أيّ حال ، أنّ ذلك