ـ أعني عقد القلب على بقاء المستصحب ـ أمر آخر لا ربط له بالاستصحاب ولا بدليله.
وإن كان المقصود من الحكم بالبقاء هو حكم الشارع بالبقاء ، فذلك عبارة أُخرى عن النهي عن نقض اليقين ، لا أنّه أمر آخر ويكون النهي عن نقض اليقين ونحوه من الإجماع وبناء العقلاء دليلاً عليه كما صرّح به في الكفاية (١).
وبالجملة : أنّ ما أفاده في الكفاية من أنّ الاستصحاب هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شكّ في بقائه ، وإن دفع إشكال شيخنا قدسسره على الشيخ قدسسره من أنّ الحكم ببقاء ما كان الخ لا يكون إلاّحكماً واقعياً ، وهذا الدفع بواسطة إدخال الشكّ في التعريف ، وبذلك يخرج الحكم المذكور عن كونه حكماً واقعياً ، إلاّ أن زيادة لفظ « الحكم » أوجبت الإشكال من ناحية أُخرى ، وهي ما عرفت من أنّ المراد بالحكم إن كان هو حكم الشارع بالبقاء الذي هو عبارة عن النهي عن النقض ، فذلك هو أحد أدلّة الاستصحاب ، لا أنّه نفس الاستصحاب كما أفاده في الكفاية.
وإن كان المراد به هو حكم المكلّف نفسه بأن يحكم ببقاء ما شكّ في بقائه فمن الواضح أنّ حكم المكلّف بالبقاء إنّما هو عبارة عن اعتقاده بالبقاء ، وقد عرفت أنّه أجنبي عن الاستصحاب ، إذ ليس الاستصحاب إلاّما عرفت من الأخذ بمقتضى الحالة السابقة التي طرأ الشكّ في بقائها بعد اليقين بها ، وذلك عبارة أُخرى عن إبقاء ما كان من حيث الجري العملي على طبقه ، كما هو المستفاد ممّا أفاده الشيخ قدسسره عن الأُصوليين بقوله : وهو لغة أخذ الشيء مصاحباً ، ومنه استصحاب أجزاء ما لا يؤكل لحمه في الصلاة. وعند الأُصوليين عرّف بتعاريف
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٨٤.