نعم ، هنا مطلب آخر تعرّض له شيخنا قدسسره في الواجب المعلّق (١) وفي مباحث الواجب الموقت وغيره من المباحث ، وهو أنّ شرطية الزمان في الوجوب فيما تكون المصلحة متقوّمة بالفعل المقيد به ، تكون موجبة لتقيّد الوجوب به خطاباً لا ملاكاً ، بخلاف ما لو كان الزمان دخيلاً في المصلحة فإنّها تكون موجبة لتقييد الوجوب به خطاباً وملاكاً ، لكن هذا المقدار من الفرق لا يضرّ بالجهة التي نحن بصددها ، من أنّه مع تقيّد الوجوب بالزمان سواء كان خطاباً فقط أو كان خطاباً وملاكاً ، يكون موجباً للغوية تقييد الفعل الواجب بالوقوع في ذلك الزمان.
قول السيّد سلّمه الله : إنّ الزمان إذا كان متمحّضاً في الشرطية للحكم فلا محالة يكون مأخوذاً بنحو مفاد كان التامّة ، إذ اعتبار وقوع العبادة في زمان مخصوص الذي هو مفاد كان الناقصة إنّما يكون متأخّراً عن التكليف وواقعاً في مرتبة الامتثال ، فكيف يعقل أن يكون شرطاً للتكليف المتقدّم عليه رتبة ، وعليه فلا إشكال في استصحابه وترتيب أثره الشرعي عليه (٢).
لا يخفى أنّ الزمان لو أُخذ شرطاً في التكليف يمكن أن يؤخذ بمفاد كان التامّة ، بأن يقال : إذا وجد النهار وجب الصوم ، فيجري فيه استصحاب وجود النهار عند الشكّ في بقائه. ويمكن أن يؤخذ بمفاد كان الناقصة شرطاً في التكليف ، بأن يقال : إذا كان الزمان نهاراً وجب الصوم ، ومثل هذا لا يجري فيه الاستصحاب. وأمّا كون الصوم واقعاً في النهار فهو ممّا لا ريب في امتناع أخذه شرطاً في وجوب الصوم ، لما أُفيد من أنّ كيفية وقوع المكلّف به لا يعقل أخذها شرطاً في التكليف ، وإنّما يمكن أخذها شرطاً في المكلّف به ، لكن ذلك ـ أعني
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٠٩.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ١٠٦.