قال الأُستاذ العراقي في مقالته : ثمّ لا يخفى أنّ الاستصحاب الجاري في الزمان وغيره من التدريجيات إنّما يكون بنحو مفاد ليس التامّة ، وإلاّ بنحو مفاد كان الناقصة المقتضية لإثبات نهارية الآن المخصوص فلا يكاد يجري أبداً ، لعدم إحراز الحالة السابقة لهذا المعنى ، وحينئذ فكلّ أثر يترتّب على مثله لا يكاد يثبت ببركة الاستصحاب كما هو ظاهر. نعم لا بأس بترتيب الآثار المترتّبة على المعنى الأوّل ( يعني مفاد كان التامّة ) من دون فرق بين كون مورد الاستصحاب نفس القيد أو المقيّد الخ (١).
ولا يخفى أنّ صاحب الكفاية (٢) أطلق إجراء الاستصحاب في كلّ من القيد والمقيّد ، ولم يقيّده بما يكون من قبيل مفاد كان التامّة ، وهذا التفصيل الذي أفاده الأُستاذ العراقي هنا في قبال ذلك الاطلاق.
ثمّ إنّ تصوير كون القيد بمفاد كان التامّة ومفاد كان الناقصة واضح. ومثال الأوّل هو كون القيد الاجتماع في الوجود بين الصوم وبين النهار ، ومثال الثاني هو كون الواجب هو الامساك في زمان هو النهار ، بحيث يعتبر في ظرف الامساك الاتّصاف بكونه نهاراً ، ففي الأوّل يجدينا استصحاب وجود النهار بخلاف الثاني.
وأمّا تصوير كون المقيّد بمفاد كان التامّة ومفاد كان الناقصة ، فمثال مفاد كان التامّة هو أن يقول كما أفاده في حقائق الأُصول : إن كان الإمساك في رمضان فهو واجب ، فإنّ استصحاب كون الامساك في رمضان يوجب كونه واجباً ، أمّا إذا كان بنحو مفاد كان الناقصة كما إذا قيل : الامساك في زمان هو رمضان واجب ، فلا
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٩٤.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٠٩.