عليه الجلوس في النهار مثلاً فجلس إلى أن شكّ في انقضاء الزمان أو بقائه ، إذ يصحّ أن يقال : إنّ جلوسه كان سابقاً جلوساً في النهار والآن كما كان ، فيترتّب ( عليه ) حكمه أعني الوجوب. لا يقال : إنّ الجلوس في هذه القطعة من الزمان ليس له حالة سابقة ضرورة كونه مردّداً من أوّل الأمر بين وقوعه في الليل أو النهار. لأنّا نقول : المفروض عدم ملاحظة الجلوس في القطعات من النهار موضوعاً مستقلاً ، بل اعتبر حقيقة الجلوس المتحقّق في النهار موضوعاً واحداً للوجوب ، وهذا واضح (١).
قلت : لا يخفى أنّه قدسسره كفانا مؤونة الجواب عمّا أفاده بقوله : فحاله حال استصحاب نفس الزمان الخ ، فإنّا قد شرحنا فيما تقدّم أنّ استصحاب نفس الزمان كالنهار والحكم ببقائه لا يوجب الحكم بأنّ هذا الآن نهاري ، فكذلك استصحاب الجلوس المحدود بكونه مظروفاً للنهار ، أعني به الجلوس المستمرّ من أوّل النهار إلى آخره ، فإنّ استصحاب بقائه لا يوجب الحكم على هذا الجلوس الأخير بأنّه جلوس في النهار.
نعم لو صحّ لنا أن نقول إنّ زماننا كان نهاراً والآن أيضاً هو نهار لصحّ لنا أن نقول إنّ جلوسنا كان متّصفاً بأنّه في النهار أو بأنّه نهاري والآن أيضاً هو في النهار أو هو نهاري ، لكن ذلك ـ أعني قولنا إنّ زماننا كان نهارياً والآن كما كان ـ غير صحيح ، ولقد كان شيخنا الأُستاذ العراقي يقول بذلك كما حرّرته عنه في درسه ، إلاّ أنّا قد علّقنا عليه المناقشة في ذلك بأنّه من قبيل قولنا إنّ حيواننا الموجود في هذه الغرفة كان خروفاً ، والآن عند احتمال تبدّله إلى الأرنب أنّه ـ أعني الحيوان الموجود في هذه الغرفة ـ هو كما كان أعني كونه خروفاً ، لنثبت بذلك أنّ الحيوان
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٤٠.