قوله : ولكن قد تقدّم بما لا مزيد عليه في مباحث الأقل والأكثر أنّه لا أثر لاستصحاب عدم الجعل إلاّباعتبار ما يلزمه من عدم المجعول ، وإثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل يكون من الأصل المثبت ... الخ (١).
وأمّا عدم جريان استصحاب عدم المجعول فقد قال عنه في مبحث الأقل والأكثر : والسرّ في ذلك هو أنّ ظرف وجود المجعول الشرعي إنّما هو ظرف تحقّق الموضوع خارجاً ، وهو الإنسان بجميع ما اعتبر فيه من القيود من البلوغ والعقل والقدرة وغير ذلك من الشرائط ـ إلى أن قال ـ فقبل وجود الموضوع خارجاً لا مجال لجريان استصحاب عدم المجعول ، لأنّه ليس رتبة وجوده ، بل الاستصحاب الجاري هو استصحاب عدم الجعل الأزلي ، وأمّا بعد وجود الموضوع وتحقّق شرائط التكليف ، فالاستصحاب إنّما يجري بالنسبة إلى نفس المجعول الشرعي وجوداً وعدماً ، فإنّه إذا زال الزوال وشكّ المكلّف في وجوب الصلاة عليه ، فالعدم الذي كان قبل الزوال هو عدم المجعول وهو المستصحب ، ولا معنى لاستصحاب عدم الجعل ، لأنّه قبل الزوال ليس رتبة الجعل والانشاء ، فإنّه أزلي رتبته سابقة على خلق العالم ، ومن المعلوم أنّ عدم كلّ شيء إنّما يكون في مرتبة وجود الشيء ، فقبل وجود الموضوع لا يجري إلاّ استصحاب عدم الجعل ، وبعد وجود الموضوع لا يجري إلاّ استصحاب عدم المجعول الخ (٢) وهذه العبارة لا تخلو من الخلط الذي اشتملت عليه العبارة الموجودة هنا ، فمن ذلك قوله : فالعدم الذي كان قبل الزوال الخ.
وعلى كلّ حال ، المراد هو أنّ استصحاب عدم الجعل لا ينفع ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٤٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٨٥ ـ ١٨٦.