واستصحاب عدم المجعول لا يجري ، لأنّ عدم كلّ شيء إنّما يكون في مرتبة وجود الشيء ، فقبل وجود الموضوع لا يجري إلاّعدم الجعل وهو غير نافع ، وإنّما النافع هو استصحاب عدم المجعول وهو غير جار ، إذ لا تحقّق لعدم المجعول قبل مرتبته التي هي الزوال ، فإنّ الزوال لمّا كان موضوعاً كان مرتبة وجود الوجوب وعدمه منحصرة فيه ، ولا يعقل تقدّم عدم الوجوب المجعول للزوال على ما قبل الزوال ، كما لا يعقل تقدّم وجوده على ذلك ، والسرّ في ذلك هو أنّه قدسسره يأخذ الموضوع الذي هو الزوال مثلاً في ناحية الحكم الذي هو الوجوب ، ومن الواضح أنّ الوجوب المقيّد بالزوال لا يكون متّصفاً بالعدم فيما قبل الزوال.
ولعلّ المراد من قوله : وبعد وجود الموضوع لا يجري إلاّ استصحاب عدم المجعول الخ ، أنّه إنّما يتصوّر عدم المجعول في مرتبة إمكان وجوده وهي مرتبة وجود موضوعه ، وإن لم يمكن استصحاب عدمه ، إذ لا يكون مسبوقاً بذلك العدم حينئذ ، وليس المراد هو أنّه عند وجود الموضوع يكون استصحاب عدم الحكم جارياً ، لأنّ ذلك ناقض لما يرومه من عدم جريان استصحاب العدم في المجعول ، فلاحظ.
لكن في تحرير السيّد سلّمه الله في هذا المقام من الأقل والأكثر ما هذا لفظه : وإن كان المستصحب هو عدم المجعول ـ وهو الوجوب الفعلي عند تحقّق موضوعه ـ فيرد عليه إشكال المعارضة لا غير (١) ومراده بالمعارضة معارضة استصحاب عدم وجوب الأكثر باستصحاب عدم وجوب الأقل.
ولا يخفى أنّ هذا مناف لمسلكه قدسسره في استصحاب عدم الوجوب ، قال هو
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٥٠٦.