وخلاصة البحث : هو أنّ من المقرّر اعتبار الوحدة بين القضيتين المتيقّنة والمشكوكة موضوعاً ومحمولاً ، والاختلاف الآتي من ناحية الموضوع تصوّره واضح ، بأن يثبت الحكم للعنب مثلاً ويشكّ في سرايته إلى الزبيب فيدّعى الوحدة عرفاً ، وأنّ الزبيبية في نظرهم من الحالات لا من المقوّمات على ما هو نظر صاحب الكفاية قدسسره (١) في بيان التسامح العرفي الموجب لوحدة الموضوع. أمّا الاختلاف من ناحية المحمول فهو إنّما يتأتّى بعد الفراغ عن الاتّحاد بحسب الموضوع ، بأن نفرض الشكّ في بقاء حكم العنب نفسه في صورة عدم تغيّره إلى الزبيبية ، وهذا لا يكون إلاّمن جهة النسخ ، بأن يقال إنّ هذا النسخ لم نعلم أنّه رفع الحكم بالتمام أو رفعه بمرتبة وبقيت منه مرتبة أُخرى ، كما يقال في أنّه إذا نسخ الوجوب هل يبقى الاستحباب أو لا.
لكن التسامح في ذلك ممنوع ، لأنّ الاستحباب في نظر العرف مباين للوجوب ، وإن كان بالدقّة هو مرتبة من الطلب ، لكن لو فرضنا أنّ المرتبة الباقية هي مرتبة وجوبية أيضاً غايته أنّها مرتبة نازلة ، بأن نفرض أنّ الوجوب قد كان بعشر درجات ، وبعد النسخ هل نسخ بتمامه أو نسخ مقداره الأكيد وبقي مرتبة منه ، فحينئذ يقال : اختلف المحمول مع فرض وحدة الموضوع ، والاختلاف في المحمول من جهة أنّ الوجوب المتيقّن هو الشديد ، وهذا الباقي على تقدير بقائه ضعيف ، فاختلف المحمول شدّة وضعفاً ، والعرف يتسامحون في ذلك ويرون الضعيف متّحداً مع الوجوب القوي على وجه يقولون إنّ الوجوب باقٍ ، كما تراهم يتسامحون في الألوان ، بأن كان اللون شديداً فطرأت حالة يشكّ معها في زوال ذلك اللون من أصله أو بقاء مرتبة منه ، فيقال كان الجسم أسود مثلاً والآن
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.