وأورد عليه الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته بما حاصله : أنّ هذا ـ أعني كون المسبّب قابلاً للبقاء بحسب استعداد ذاته بعد ارتفاع علّته ما لم يطرأ عليه ما يرفعه ـ إنّما يتمّ في الأسباب والمسبّبات الخارجية ، دون الأسباب والمسبّبات الاعتبارية التي يكون قوامها بالاعتبار ، فإنّها تارةً يكون مثلها بوجودها الآني منشأ اختراع المنشأ إلى الأبد بلا صلاحية شيء لرفع مثله ، وتارةً يكون بحدوثه منشأ اعتبار بقاء الشيء كذلك مع صلاحية اعتبار رفعه برافع مخصوص ، ومرجع هذا الاعتبار أيضاً إلى دخل عدم الشيء المزبور في اعتبار بقائه ، وتارة أُخرى يكون الشيء بحدوثه منشأ اعتبار حدوث الشيء وبقاؤه منشأ اعتبار بقائه ، وأمّا فرض كون الشيء بحدوثه منشأ اعتبار حدوث الشيء محضاً وأمّا بقاؤه إذا كان مستنداً إلى استعداد ذاته (١) ، فهو في مثل الأُمور الاعتبارية غير متصوّر لاستحالة استعداد لذاتها بلا دخل لمنشأ اعتبارها فيها ، لأنّها في الحقيقة فيء منشئها ، فلا جرم يكون منشؤها دخيلاً بحدوثه في بقاء الشيء ، غاية الأمر في ظرف عدم الأمر الفلاني الخ (٢).
ولا يخفى أنّ الأُمور الاعتبارية وإن لم يكن بقاؤها متقوّماً باقتضاء ذلك ، بل هو متقوّم باعتبارها ، لكن الاعتبار الذي هو قوامها يكون على أنحاء كما أفاده في التفصيل المذكور ، غير أنّ النحو الثاني يكون على قسمين : القسم الأوّل ما يكون اعتبارها مقيّداً بعدم حدوث الشيء الفلاني ، فيكون نسبة ذلك الشيء إليها نسبة
__________________
(١) [ عبارة : « وأمّا بقاؤه إذا كان مستنداً إلى استعداد ذاته » وردت في الطبعة القديمة ، وقد صُحّحت في الطبعة الجديدة بما يلي : « وكون بقائه مستنداً إلى استعداد ذاته » فلاحظ ].
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧.