وللمرحوم صاحب الدرر قدسسره (١) في المقام كلام لا بأس بنقله ، فإنّه بعد أن نقل ملخّص ما أفاده الشيخ قدسسره في الجواب عن إشكال النراقي قدسسره بأنّ ما قبل الزوال إن كان قيداً لم يجر إلاّ استصحاب عدم الوجوب ، وإن كان ظرفاً لم يجر إلاّ استصحاب الوجوب ، أفاد أنّه يمكن اختيار الشقّ الأوّل ، ولكن نأخذ الجلوس مهملاً من حيث التقييد بالزمان وعدمه كما قدّمنا في مسألة الأقل والأكثر فنقول : إنّه كان واجباً والآن كما كان ، ويمكن اختيار الشق الثاني فنستصحب الوجوب ، فكذلك نستصحب العدم ، بأن نأخذ الزمان قيداً فيما بعد الزوال فنقول الأصل عدم وجوب الجلوس المقيّد.
ثمّ أورد على الأوّل بأنّه من قبيل القسم الثالث من الكلّي ، للعلم بارتفاع وجوب الجلوس المقيّد بانقضاء قيده ، والشكّ في قيام وجوب آخر مقامه ، وإنّا وإن قلنا بجريان الاستصحاب في ذلك إلاّ أنه هنا ممنوع ، لأنّ الشكّ في بقاء ذلك الوجوب الذي أخذناه متعلّقاً بالجلوس مسبّب عن حدوث الوجوب المتعلّق بما بعد الزوال ، فالأصل عدمه ، وهو حاكم على استصحاب البقاء.
قلت : لا يخفى أنّ الجلوس المهمل من حيث القيد وعدمه ليس إلاّ الجلوس لا بشرط المقسمي ، وقد حقّق في محلّه أنّه لا يقبل حكماً من الأحكام ، فلا محصّل لاستصحاب وجوبه. وأمّا ما ذكره في مسألة الأقل والأكثر وأنّ تعلّق الوجوب بالمهمل معلوم والخصوصية منفية بالبراءة ، فقد تقدّم التأمّل فيه في تلك المسألة ، وأنّه لا محصّل لذلك الاهمال إلاّذلك الاجمال ، أعني العلم الاجمالي المردّد بين الأقل والأكثر.
مضافاً إلى أنّا لو سلّمنا إمكان تعلّق الوجوب بالجلوس لا بشرط المقسمي ،
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٤١ ـ ٥٤٢.