لقلنا إنّ ذلك الوجوب قد ارتفع في المقام قطعاً ، لأنّ المفروض أنّ الجلوس الذي كان متّصفاً به هو المقيّد ، وحينئذ نحتاج إلى الفرض الثاني من تعدّد المطلوب الذي تقدّم ذكره (١) في تفسير عبارة الكفاية ، أو إلى دعوى كون المستصحب هو القدر الجامع بين الوجوب السابق المتعلّق بالمقيّد والوجوب الجديد المحتمل المتعلّق بالفاقد ، وهذا سهل لا يحتاج إلى التشبّث بالاهمال المذكور.
ولا يرد عليه إلاّ أن القدر الجامع بين الوجوبين ليس من الأحكام الشرعية ، ومع قطع النظر عن هذه لا يكون إلاّمن قبيل القسم الثالث من الكلّي الذي يقول هو بصحّة استصحابه ، وأمّا حكومة أصالة عدم الحادث فقد عرفت ما أفاده شيخنا قدسسره من عدم جريانه ، إذ لا أصل له.
ثمّ أفاد في الايراد على ما ذكره في الشقّ الثاني ما هذا لفظه : وأمّا الشقّ الثاني فاستصحاب الوجوب ليس له معارض ، فإنّ مقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس المقيّد بالزمان الخاصّ أنّ هذا المقيّد ( بالزمان الخاصّ ) ليس مورداً للوجوب على نحو لوحظ الزمان قيداً ، ولا ينافي وجوب الجلوس في ذلك الزمان الخاصّ على نحو لوحظ الزمان ظرفاً للوجوب (٢).
قلت : يمكن أن يقال : إنّ بقاء الوجوب في الزمان الثاني متعلّقاً بالجلوس منافٍ لعدم وجوبه ، لأنّه حينئذ يقال : إنّ هذا الجلوس واجب باعتبار كونه مصداقاً للجلوس المطلق ، وليس بواجب باعتبار كونه خاصّاً بالزمان الثاني ، ولعلّ المراد ـ كما هو غير بعيد ـ أنّ الوجوب المنفي عن الجلوس هو وجوب جديد وارد عليه بخصوصه ، والوجوب المثبت هو الوجوب السابق ، فيكون الحاصل أنّ هذا
__________________
(١) في الصفحة : ٤٦٣.
(٢) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٥٤٣ ـ ٥٤٤.