الأحكام الشرعية الثابتة بالحكم العقلي ـ أعني التحسين أو التقبيح العقليين ـ بواسطة الملازمة بين الحكم الشرعي والحكم العقلي ، فيكون الانتقال إلى الحكم الشرعي من قبيل الاستدلال على المعلول بعلّته.
ولا يخفى أنّا لو سلّمنا ذلك كلّه لم يكن لدينا من الأحكام الشرعية ما هو من ذلك القبيل وما هو إلاّفرض محض ، وأغرب منه التكلّم في موضوع الأحكام العقلية لو كانت الشبهة مفهومية ، مثل ما لو حكم العقل بقبح الكذب الضار ثمّ تجرّد عن الضرر ، فهل يبقى قبحه أو لا. ليت شعري إذا كان الحاكم هو العقل فمن هو الشاكّ ، وكيف يرجع الحاكم الذي هو العقل في تنقيح موضوعات أحكامه إلى العرف ، وأنّ القيد الفلاني في نظرهم ممّا له دخل في الموضوع أو هو أجنبي في نظرهم عن الموضوع.
وبعد هذا كلّه ننقل الكلام إلى ما أُفيد من الحكم العقلي الذي هو ذو الحكم الواحد والحكم العقلي الذي هو ذو الحكمين ، وأنّ الأوّل لا مجال فيه للأُصول بخلاف الثاني ، فيجري فيه الاستصحاب المثبت والنافي ، ويكون حاكماً على الاحتياط الذي يحكم به العقل حكماً ثانوياً. ولو لم يكن إلاّقاعدة الحل والبراءة وقبح العقاب من دون بيان ، هل يقع التعارض بينها وبين الاحتياط العقلي ، أو أنّه حاكم عليها لكونه أخصّ منها ، كلّ هذه التفاصيل لا واقعية لها في الأحكام العقلية.
نعم ، إنّ بعض الأحكام الشرعية مثل حرمة الكذب وحرمة التشريع وحرمة القول على الشارع ، وهذه موضوعها عدم العلم ، كما في الحجّية لو شككنا في أنّ الشهرة حجّة شرعية ، في مثل هذه الأحكام يكون الشكّ كافياً في القطع بالحرمة ،