بل غير متصوّر ، إذ كيف نتصوّر أنّه عند العلم بنجاسة هذا الثوب المعيّن الذي صلّى فيه المكلّف تكون طهارته شرطاً في صحّة الصلاة. أمّا لو كان المنظور إليه هو الثوب قبل الصلاة فيه ، فإن أُريد أنّ العلم بنجاسته يكون شرطاً في اشتراط كلّية الطهارة في لباس المصلّي فهو غريب ، وإن أُريد أنّ العلم بنجاسته يكون شرطاً في اشتراط طهارة نفس ذلك الثوب في صحّة الصلاة فيه فهو أغرب.
وعلى كلّ حال ، فقد عرفت فيما تقدّم ما يرد على هذا الوجه من أنّه بناءً عليه لا يمكن أن يبقى محل لجريان استصحاب الطهارة أو لجريان قاعدة الطهارة ، بل يكون إجراء الأُصول في ذلك من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان. كما أنّه لو أغضينا النظر عن ذلك ـ أعني لزوم الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان ـ لتوجّه عليه ما أُفيد هنا من أنّه خلاف مبنى الفقهاء من إجرائهم هذه الأُصول عند الشكّ في النجاسة.
وأيضاً يرد عليه ما أُفيد هنا من أنّ مقتضاه صحّة الصلاة في أحد أطراف الشبهة المحصورة ، لكن لا داعي لتقييده بالغفلة ، لإمكان التخلّص من ناحية قصد القربة بالبناء على التكرار ، فإذا جاء المكلّف بالأُولى نحكم بصحّة صلاته ، لعدم إحرازه النجاسة فيما صلّى فيه ، بل بناءً على ما أُفيد هنا من أنّ العلم السابق ـ يعني العلم الاجمالي ـ لم يتعلّق بهذا الثوب بخصوصه ، ينبغي على هذا الوجه إسقاط قيد الغفلة وإسقاط قيد البناء على التكرار ، إذ بناءً على الوجه المذكور لا مانع من الإقدام على الصلاة في أحد الثوبين ، لعدم تحقّق شرطية الطهارة ولا مانعية النجاسة ، لأنّ ذلك معلّق ومشروط بالعلم بنجاسة الثوب المذكور ، والمفروض أنّها لم تكن معلومة.