وهو الحرمة في باب الرضاع وآثار الملكية في باب الكشف الحكمي المبنية على التنزيل ، بخلاف الأُصول العملية فإنّها بناءً على مسلكه قدسسره معرّاة عن كلّ من جعل المماثل والتنزيل ، وأنّها ممحضة لجعل الحكم الوضعي وهو الحجّية ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ الأولى أن يجعل الحكم الذي هو محلّ الكلام في باب الكشف الحكمي في مثل عقد النكاح هو الحرمة الأبدية فيما لو وطئ الزوجة المذكورة أجنبي كما تضمّنه ما حرّرته عنه قدسسره ، أمّا ما تضمّنه هذا التحرير (١) من الرجم على الواطئ فإنّما يترتّب إذا كان الواطئ محصناً ، نعم رجم الموطوءة يترتّب أيضاً على كونها محصنة ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ إنّه يمكن المناقشة فيما أُفيد من تضعيف توجيه حجّية الأمارة في اللوازم بأنّها حاكية عنها أيضاً بما أُفيد من وجه الضعف بعدم تحقّق الحكاية ، لغفلة المخبر عن اللوازم ، ووجه المناقشة هو أنّ الحكاية القصدية وإن توقّفت على القصد إلاّ أنّ الدلالة القهرية لا تتوقّف عليه ، كما في مثل دلالة الآيتين (٢) على أقل الحمل ، فتكفي الحكاية الارتكازية ، على أنّ الأمارة لا تنحصر بالحاكي كالأخبار ، بل هي كلّ ما يكون كاشفاً عن الواقع كشفاً ظنّياً كاليد مع فرض عدم القصد فيها ، ومن الواضح أنّ الكشف عن الواقع كشف عن لوازمه وملزوماته ، ولعلّ ذلك هو المراد بالحكاية ، لا الحكاية القصدية المختصّة بالدلالة اللفظية ، بل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٣.
(٢) وهما قوله تعالى في سورة الأحقاف ٤٦ : ١٥ ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) وقوله تعالى في سورة البقرة ٢ : ٢٣٣ ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ).