وبالأخرة أجاب عن ذلك بأنّه يكفي الأثر اللاحق له بالواسطة. ولا يخفى ما فيه من أنّه حينئذ يكون راجعاً إلى دعوى اغتفار الواسطة لخفائها أو جلائها.
ثمّ إنّه في آخر هذه الحاشية يظهر منه التفصيل بين كون الواسطة لازمة لمؤدّى الأصل فيجري فيها حينئذ اغتفارها لخفائها ، دون ما لو كانت ملزومة أو ملازمة ، ولعلّ منشأ هذا التفصيل هو دعوى أنّ أثر الأثر أثر ، ومع صحّة هذه القضية لا نحتاج إلى التمسّك للاغتفار بخفاء ولا بجلاء ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ أثر الأثر إنّما يعدّ عرفاً أثراً في خصوص الواسطة الخفية أو الجلية ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا ما استدلّ به في الحاشية بقوله : وسرّه أنّه قد مرّ أنّ تعيينه بمقدّمات الحكمة ، وليس ما لا واسطة له أصلاً بالاضافة إلى ما لا واسطة له عرفاً بالقدر المتيقّن في مقام التخاطب كما لا يخفى ، ولا اعتبار بالقطع بإرادة مقدار من الخارج ، فإنّ المدار فيها إنّما هو على القطع به في مقام التخاطب كما حقّقناه في البحث غير مرّة فتأمّل تعرف سرّه (١). وقد اختصره في الكفاية بقوله : أنّ مفاد الأخبار عرفاً ما يعمّه أيضاً حقيقة ، فافهم (٢) وذلك بعد أن أفاد أنّ المانع من ترتيب أثر الواسطة غير الخفية هو أنّ المتيقّن إنّما هو التنزيل بلحاظ آثار نفسه ، وأمّا آثار لوازمه فلا دلالة هناك على لحاظها أصلاً الخ.
ففيه : ما عرفت الاشارة إليه من أنّه ليس لنا في أدلّة الاستصحاب ما يتضمّن لفظ الآثار حتّى يتأتّى فيها مسألة القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، كي يدّعى أنّ آثار ما بالواسطة غير الخفية خارجة ويكون القدر المتيقّن في مقام التخاطب هو غير تلك الآثار ، ويبقى الآثار اللاحقة لنفس ذي الواسطة حقيقة والآثار اللاحقة له
__________________
(١) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٤١٥.