الواسطة بحسب لسان الدليل الدالّ على ذلك الحكم.
نعم ، يبقى إشكال التفكيك بين نظر العرف إلى دليل الحكم فيرون أنّه من أحكام الواسطة ، ونظرهم إلى مفاد دليل الاستصحاب فيرون أنّ عدم ترتّبه نقضاً ، ولازم أنّهم يرون ذلك نقضاً هو كون ذلك الأثر في نظرهم أثراً لذي الواسطة ، وليس ذلك من قبيل مسامحتهم في مسألة الماء والتغيّر ، وأنّهم بحسب لسان الدليل يرون الحكم وارداً على المتغيّر لكن بحسب مفاد دليل الاستصحاب يرونه مصداقاً للنقض ، فإنّ مرجع تلك المسامحة إلى دعوى أنّهم وإن قالوا إنّ التغيّر له المدخلية في نجاسة الماء ، إلاّ أنّهم بحسب ذوقهم يتسامحون ويرون التغيّر علّة لا مركباً ، وهذه المسامحة هي المسوّغة لهم دعوى اتّحاد القضيتين وصدق مادّة النقض ، بخلاف التسامح المدّعى هنا فإنّه لا يخرج عن التناقض ، فتأمّل.
والسرّ في ذلك : هو أنّ التسامح العرفي تارةً يكون من باب التجوّز في الكلمة ، وهذا لا إشكال في عدم الاعتبار به كما مثّل به قدسسره في الأوزان ، فإنّ إطلاقهم الكرّ على ما ينقص عن الوزن المعلوم تجوزاً في لفظ الكرّ لا عبرة به ، ولا يترتّب عليه الأثر الشرعي ، أمّا التسامح فيما نحن فيه فكذلك لا عبرة به غير أنّه مجاز في الاسناد ، لأنّ الأثر الذي هو وجوب التصدّق مثلاً لو كان مركبه بحسب ما فهمه العرف من لسان الدليل هو نبات اللحية ، لم يكن تسامحهم في نسبته إلى ذات الولد الذي هو ابن الناذر مثلاً إلاّمن قبيل المجاز في الاسناد في نسبة العارض الذي هو وجوب التصدّق إلى غير ما هو له ، ولو من جهة كونه من قبيل نسبة العارض إلى أحد ملابسات معروضه ، أو من جهة ادّعاء كون نبات اللحية من قبيل العلّة في ورود ذلك الحكم على ذات الابن ، وإن كان هو ـ أعني نبات اللحية ـ في الحقيقة هو المعروض لذلك الحكم ، وأقصى ما في هذه النسبة