نعم لو لم نقل باعتبار السريان ، كان استصحاب الرطوبة المسرية في أحد المتلاقيين كافياً في الحكم بنجاسة الملاقي ، مع فرض كون الملاقى نجساً فعلاً ، أو أنّه محكوم بالنجاسة للاستصحاب.
وأراد شيخنا قدسسره توجيه ما عن المحقّق قدسسره بمطلب آخر غير مسألة توسّط السريان ، وذلك الوجه مبني على مسألة فقهية ، وهي أنّه لا ريب في طهارة جسم الحيوان بعد زوال عين النجاسة منه ، ولكن هل أنّه يتنجّس مورد النجاسة منه ويطهر بزوالها ، فيكون زوال عين النجاسة عنه مطهّراً ، أو أنّه لا ينجس أصلاً نظير البواطن ، وقد فرّعوا على ذلك الحكمَ بنجاسة ملاقيه مع الشكّ في بقاء عين النجاسة على جسم الحيوان على الأوّل ، دون الثاني فيحكم فيه بطهارة الملاقي ، لأنّه بناءً على الثاني لا يكون لنا إلاّ استصحاب بقاء النجاسة ، وهو لا يوجب الحكم بنجاسة الملاقي ، للشكّ في أنّ الملاقى هو نفس النجاسة أو الجسم الطاهر ، نظير ما لو كان في هذا المكان كلب مثلاً ، ثمّ احتملنا أنّه بدّل بشاة ، وقد لاقت يدنا ذلك الجسم الموجود مع الرطوبة ، فإنّ استصحاب بقاء الكلب لا يوجب الحكم بأنّ يدنا قد لاقت كلباً إلاّبالأصل المثبت ، وهذا بخلاف الوجه الأوّل ، فإنّه بناءً عليه يكون لنا استصحاب آخر وهو استصحاب متنجّسية جسم الحيوان ، وأشار إليه في الجواهر في مبحث الأسآر (١) وهو موجب للحكم بنجاسة ملاقيه ، وذكر ذلك المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره في مبحث الأسآر (٢) فإنّه هناك ذكر القولين وأنّ الثمرة تظهر في الاستصحاب.
قال في العروة : الذباب الواقع على النجس الرطب إذا وقع على ثوب أو
__________________
(١) جواهر الكلام ١ : ٣٧٦ ـ ٣٧٧.
(٢) مصباح الفقيه ( كتاب الطهارة ) ١ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤.