مجرّد عدم الهلال في يوم لا يثبت آخريته ولا أوّلية غده للشهر اللاحق ، لكن العرف لا يفهمون من وجوب ترتيب آثار عدم انقضاء رمضان وعدم دخول شوال إلاّ ترتيب أحكام آخرية ذلك اليوم لشهر وأوّلية غده لشهر آخر ، فالأوّل عندهم ما لم يُسبق بمثله ، والآخر ما اتّصل بزمان حكم بكونه أوّل الشهر الآخر. وكيف كان فالمعيار خفاء توسّط الأمر العادي والعقلي بحيث يعدّ آثاره آثاراً لنفس المستصحب (١).
والأولى أن يقال : إنّ « الآخر » هو اليوم من الشهر مع عدم مثله أو مع وجود ضدّه بعده ، فهو عكس « الأوّل » ، وحينئذ يكون الجزء الثاني منه ـ الذي هو عدم مثله أو وجود ضدّه بعده ـ ثابتاً بالوجدان ، ويكون الجزء الأوّل ـ وهو كونه من الشهر السابق ـ ثابتاً بالأصل وهو استصحاب بقاء الشهر السابق.
لكن لا يخفى أنّ استصحاب بقاء الشهر السابق لا يثبت به كون يوم الشكّ من الشهر السابق إلاّبالأصل المثبت ، اللهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ آخر رمضان مثلاً عبارة عن اليوم المقارن لوجود رمضان ، وليس بعده رمضان ، وحينئذ يكون الجزء الأوّل منه وهو كونه مقارناً مع رمضان قابلاً للاحراز باستصحاب بقاء رمضان ، ولكنّه في غاية البعد ، وكأنّه لأجل ذلك التجأ الشيخ قدسسره إلى جعل « الآخر » عبارة عمّا اتّصل بزمان حكم بكونه أوّل الشهر الآخر (٢).
ويمكن التأمّل فيه أوّلاً : أنّ مجرّد الاتّصال بما حكم بكونه أوّلاً لا يترتّب عليه ما هو المعتبر في الآخر من كونه من الشهر السابق ، والمفروض أنّ ذلك ـ أعني كون يوم الشكّ من الشهر السابق ـ لم يحرز لا وجداناً ولا بالأصل.
__________________
(١) فرائد الأُصول : ٣ : ٢٤٥.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٥٩٧.