بخلاف ما لو قلنا بجعل المماثل ، فإنّ لازم تلك الملازمة المجعولة سواء كانت واقعية أو ظاهرية ، هو فعلية وجود الملزوم الذي هو الحرمة عند وجود اللازم الذي هو الغليان ، وينتهي ببركته إلى حكم العقل بوجوب الامتثال في مقام العمل ، هذا خلاصة ما أفاده في المقالة حسبما فهمته من عبارتها على ما فيها من الاغلاق.
ولا يخفى أنّ المستصحب الذي يكون نتيجة استصحابه هو جعل مماثله ، إن كان هو نفس الملازمة من حيث نفسها فهي غير مجعولة بنفسها ، وإنّما المجعول منشأ انتزاعها أعني نفس الحرمة على تقدير الغليان ، فلابدّ أن تكون هي مركز الاستصحاب ، وحينئذ يتّجه إشكال شيخنا قدسسره وهو أنّ تلك الحرمة المستصحبة إن كانت هي الحرمة المتحقّقة فعلاً ، وأعني بتلك الحرمة الشخصية ، فهي قبل الغليان غير متحقّقة ، وإن كانت هي الحرمة الكلّية المعلّقة على تقدير الغليان ، فتلك لا يشكّ في بقائها إلاّمن ناحية النسخ ، وحينئذ نحتاج إلى القول بأنّ تلك الحرمة موجودة فعلاً قبل الغليان ، لكن بمعنى كونها منوطة بلحاظ الغليان ، وهو الذي أفاده من إنكار توقّف فعلية الحرمة على وجود الغليان خارجاً ، بل على لحاظها منوطة بالغليان ، وقد عرفت ما فيه ، فلاحظ ما تقدّم وتأمّل.
ولا يخفى أنّ ظاهر مطلبه الذي أفاده في المقالة أنّه ملتزم بأنّ الملازمة بين الحرمة والغليان ليست مجعولة ، وإنّما هي منتزعة عقلاً من جعل الحرمة على تقدير الغليان ، لكنّها لمّا كان منشأ انتزاعها بيد الشارع صحّ استصحابها ، وبناءً على جعل المماثل يكون المجعول هو الملازمة ، وعنها ينتزع لازمها وهو تحقّق الحرمة عند تحقّق الغليان.
وحينئذ يرد عليه أنّ المجعول بالأصل هو الحرمة والملازمة منتزعة عقلاً ،