انتقاض اليقين بالنجاسة باليقين بالطهارة المتيقّن بقاؤها على تقديرها حتّى الآن ، فلا تكون الشبهة شبهة عدم الاتّصال أو عدم إحراز الاتّصال ، بل تكون شبهة احتمال الانتقاض الجارية في جميع موارد العلم الاجمالي في ارتفاع الحالة السابقة في بعض الأطراف ، ولو قرّرت الشبهة بهذا النحو لم يرد عليها إلاّما ورد على الشبهة الواردة في موارد العلم الاجمالي بالانتقاض في أحد طرفي العلم الاجمالي.
وحاصل الايراد عليها : أنّ احتمال انطباق المتيقّن الكلّي على هذا الفرد لا يخرجه عن كونه مشكوكاً فعلاً ، نعم لو كان الانطباق معلوماً لخرج هذا الفرد عن كونه مشكوكاً ، أمّا إذا لم يكن إلاّمجرّد احتمال الانطباق ، فإنّ احتمال انطباق الفرد المردّد الذي علم بعروض الطهارة عليه على هذا الفرد المعيّن لا يخرج هذا الفرد المعيّن عن كونه مشكوك الطهارة فعلاً ، فإنّ احتمال انطباق ما هو المعلوم عليه لا يخرجه عن كونه فعلاً مشكوكاً ، إذ لا معنى لاحتمال كونه هو المعلوم إلاّكونه مشكوكاً فعلاً.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الاستغناء عمّا أجاب الأُستاذ العراقي عن الشبهة في مقام العلم الاجمالي ، وعن الشبهة في الحادثين المسبوقين بالعدم ـ كما قرّرها في الكفاية (١) ـ بقوله في المقالة : ومن البديهي أنّ العلم الاجمالي لا يسري إلى طرفيه بخصوصياتهما أصلاً الخ (٢) فإنّا لو سلّمنا السراية فإنّما هي فيما لو كان الانطباق معلوماً ، دون ما لو لم يكن في البين إلاّ احتمال الانطباق ، فإنّه لا يؤثّر في احتمال المعلومية ، فإنّ احتمال المعلومية ممّا لا يعقل تحقّقه ، لكون صفة العلم
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٢٠.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٤٢١.