تنجّسه بالملاقاة (١) وهكذا الحال فيما لو كان المدرك هو التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية. وإن كان المدرك هو الركون إلى أصالة عدم الاتّصال بالمادّة بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، لأنّ هذا الماء قبل وجوده لم يكن متّصلاً بالمادّة ، فما هو الوجه في حكمه بالنجاسة في الصورة المزبورة من مسألة ٨ ، حيث إنّ هذا الماء وإن كان قبل وجوده لم يكن متّصفاً بالكرّية ، إلاّ أنّه بعد وجوده قد اتّصف بها ، وإنّما الشكّ في الملاقاة وأنّها هل كانت قبل نقصانه عن الكرّية أو بعد نقصانه ، فلم يبق إلاّدعوى قاعدة [ المقتضي ] الصغيرة التي حاصلها أنّه بعد إحراز قلّة الماء وملاقاته للنجاسة يحكم بنجاسته إلاّ أن يحرز اتّصاله بالمادّة ، وهذه القاعدة وإن لم يكن لها مورد في المسألة السابعة ، إلاّ أنّ الصورة المذكورة في المسألة الثانية من مواردها ، حيث قد أحرزنا فيها قلّة الماء فعلاً وأنّه قد لاقته النجاسة ، غايته أنّا نحتمل أنّه عند ملاقاتها له كان كرّاً ، هذا.
ولكن يمكن القول بأنّا لو سلّمنا قاعدة المقتضي الصغيرة فإنّما نسلّم جريانها في خصوص المسألة ٢ ، أمّا جريانها في الصورة المزبورة ففيه تأمّل ، لأنّا وإن أحرزنا أنّ هذا الماء قليل فعلاً ، إلاّ أنّا لم نحرز ملاقاته للنجاسة ، إذ لعلّ الملاقاة كانت حينما [ كان ] كرّاً ، فلم نحرز حينئذ ملاقاة النجاسة للقليل مع الشكّ في اعتصامه كي يكون مورداً لقاعدة المقتضي الصغيرة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا الماء القليل الموجود قد لاقته النجاسة ، غايته أنّا نحتمل أنّها إنّما لاقته حينما كان منضمّاً إلى تلك المقادير التي أخذت منه التي كان انضمامها إليه عاصماً له ، فلا يكون حاله إلاّكحال القليل الذي كان متّصلاً بالمادّة ثمّ انفصل عنها ولاقته النجاسة ، وشككنا في المقدّم من الانفصال والملاقاة ، في
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٧٦ / الماء الجاري.