ومن ذلك تعرف أنّه لا مانع من أكل دهن السمك المجلوب من أُوروپا ما دام منشأ الإشكال فيه هو احتمال عدم التذكية مع إحراز كونه من المأكول ، إلاّ أن نقول : إنّ يد الكافر أمارة على عدم التذكية.
نعم ، لو كان في البين احتمال أنّه مأخوذ ممّا لا يحلّ أكله كالجري ، فإن كانت التذكية بمعنى السبب ، كفى في حلّ أكله الأصل المزبور أعني بقاء حياته إلى حين الأخذ من حيث الشكّ في التذكية ، ومن حيث الشكّ في كونه مأخوذاً ممّا لا يحلّ أكله كالجري يكون المرجع هو قاعدة الحلّ ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ أصالة بقاء الحياة إلى حين الأخذ لا تكفي في تحقّق التذكية بمعنى السبب ، بل لو شوهد أخذه حيّاً لم يكن ذلك كافياً في الحكم بتذكيته ، لعدم إحراز الشرط الآخر وهو القابلية ، وحينئذ لا تكون التذكية محرزة ولا عدمها محرزاً ، ويكون المرجع هو قاعدة الحل.
نعم ، لو قلنا إنّ التذكية عبارة عن المسبّب ، وهي موضوع حل الأكل لو أخذ حيّاً ، يكون المرجع هو أصالة عدمها حتّى لو أحرز بالمشاهدة أخذه حياً ، فضلاً عن استصحاب الحياة إلى حين الأخذ ، وحينئذ لا تكون قاعدة الحلّ جارية بعد فرض جريان أصالة عدم تحقّق ذلك المسبّب البسيط الذي يكون موضوعاً للحلّية ، ويكون حاله حال ما لو شكّ في قابلية الحيوان للتذكية الذبحية مع تحقّق الذبح بناءً على كون التذكية هي ذلك المعنى البسيط المسبّب عن الذبح ، في أنّ الجاري فيه أصالة عدم التذكية ، ولا يجري فيه قاعدة الحل إلاّعلى تقدير القول بأنّ التذكية اسم للسبب ، وحينئذ لا يكون وجودها ولا عدمها محرزاً ويكون المرجع هو قاعدة الحل.