ولعلّ هذا هو المتحصّل من قول صاحب الكفاية قدسسره : وبالجملة يكون الاستصحاب متمّماً لدلالة الدليل على الحكم فيما أُهمل أو أُجمل كان الحكم مطلقاً أو معلّقاً الخ (١) فإنّ هذه الجملة وإن لم يسقها صاحب الكفاية لبيان حكومة استصحاب الحرمة التعليقية على استصحاب الحلّية الفعلية ، إلاّ أنّها صالحة لذلك بالبيان الذي أفاده شيخنا قدسسره ، ولكن قد عرفت التأمّل في ذلك.
ثمّ لا يبعد أن تكون دعوى العينية مبنية على دعوى كون الاباحة عبارة عن عدم الحرمة ، لا أنّها حكم مستقل في قبال الحرمة. ولا يخفى ما فيه ، فإنّ كلامنا إنّما هو في إباحة العصير الزبيبي ، وهي إباحة اقتضائية في قبال الحرمة ، لا أنّها عبارة عن مجرّد عدم الحرمة ، مع أنّا لو سلّمنا كون الاباحة عبارة عن عدم الحرمة لم يكن ذلك نافعاً في التخلّص عن إشكال المعارضة ، فإنّ استصحاب الاباحة ولو بمعنى عدم الحرمة معارض لاستصحاب الحرمة ، كمعارضة استصحاب عدم الحرمة لاستصحاب الحرمة.
قوله : والحاصل : أنّ الشكّ في الحلّية والحرمة والطهارة والنجاسة في الزبيب المغلي مسبّب عن الشكّ في كيفية جعل النجاسة والحرمة للعنب المغلي ، وأنّ الشارع هل رتّب النجاسة والحرمة على العنب المغلي مطلقاً في جميع مراتبه المتبادلة ، أو أنّ الشارع رتّب النجاسة والحرمة على خصوص العنب ولا يعمّ الزبيب ، فالاستصحاب التعليقي يقتضي كون النجاسة والحرمة مترتّبين على الأعمّ ، ويثبت به نجاسة الزبيب المغلي ، فلا يبقى مجال للشكّ في الطهارة والحلّية ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ هذه الجملة اعتراف بأنّ كلاً من الشكّ في الحلّية بعد الغليان
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤١١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧٥.