اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المنظور إليه في الاستصحاب ليس هو مجموع ما مرّ عليه ليكون من قبيل القسم الثالث ، بل المنظور إليه في ذلك هو حالة احتمال طروّ الجنابة ، وهو في ذلك الحال عالم بأنّه محدث بحدث مردّد بين الأصغر والأكبر ، فيستصحب القدر الجامع بينهما ، ويكون من قبيل القسم الثاني ، ويندرج في اجتماع المقتضي وعدم المقتضي ، بمعنى أنّا لو نظرنا إلى مجموع ما مر عليه كان من قبيل عدم المقتضي ، لأنّ الاستصحاب حينئذ ينحصر بالقسم الثالث وهو غير جار ، لكن لو نظرنا إلى حالته عند احتمال الجنابة كان من قبيل المقتضي ، لأنّه يكون من قبيل القسم الثاني.
وهكذا الحال فيما نحن فيه ، فإنّا لو نظرنا إلى مجموع ما مرّ على هذا العصير من حين كونه عنباً إلى كونه زبيباً إلى غليانه ، كان استصحاب الحلّية الكلّية فيه من قبيل القسم الثالث ، لكن لو نظرنا إلى خصوص حالته الزبيبية كان من قبيل القسم الثاني.
أمّا الاستناد إلى استصحاب بقاء حلّية العنب المحدودة إلى ما بعد التبدّل ، أو استصحاب عدم حدوث حلّية جديدة عند التبدّل ، ففيه أنّهما لا يزيلان الشكّ في هذه الحلّية إلاّبالأصل المثبت ، فتأمّل.
لا يقال : إنّ الحلّية حال العنب وإن كانت محدودة ، إلاّ أنّا بعد التبدّل إلى الزبيب نشكّ في أنّها حينئذ محدودة بالغليان فترتفع عنده فيستصحب بقاؤها.
لأنّا نقول : إنّ هذا إنّما يتمّ لو كانت الحلّية عند التبدّل إلى الزبيب هي الحلّية السابقة ، غايته أنّ حدّها بالغليان قد ارتفع ، وهذا خلاف الفرض ، فإنّ المفروض أنّ لنا حلّيتين إحداهما عند العنب وهي محدودة ، والأُخرى عند التبدّل وهي غير محدودة ، وإنّما قلنا باختلافهما لأجل اختلاف موضوعهما ، فإنّا لو قلنا إنّ الزبيب