يوم الجمعة ، إذا فرض الاستثناء قرينة على أخذ كلّ زمان فرداً مستقلاً (١). فتمام الفارق عنده بين الوجه الأوّل والوجه الثاني هو أنّه على الثاني يكون لنا عموم أزماني بلحاظ الأيّام أو الآنات ، ويكون ذلك العموم قابلاً للاستثناء ، بخلاف الوجه [ الأوّل ] فإنّه لا يكون في البين إلاّحكم واحد على موضوع واحد ومتعلّق واحد في زمان واحد ، فلو كان في البين إخراج وتخصيص لم يكن إلاّ إخراجاً من العموم الأفرادي ، فلو حصل التردّد في مقدار الخارج من ناحية أنّ خروج العقد الغبني مثلاً والحكم عليه بعدم وجوب الوفاء هل هو في الآن الأوّل أو أنّه جار في الآن الثاني والثالث مثلاً ، فالقدر المتيقّن وإن كان هو الآن الأوّل ، إلاّ أنّ المرجع فيما عداه ليس هو العموم الأزماني ، إذ لا عموم أزماني في البين ، بل المرجع فيه هو استصحاب حكم الخاصّ ، هذا فيما كان الزمان في الخاصّ مردّداً بين الأقل والأكثر.
أمّا لو كان محدوداً مضبوطاً مثل ما داما في المجلس أو الثلاثة في الحيوان مع التصريح باللزوم فيما بعد ، فذلك التصريح عبارة أُخرى عن تحديد مقدار الخروج ، وأنّه بعده يبقى العقد على ما كان تقتضيه ذاته من كونه داخلاً تحت العقود في قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ). وإن شئت فقل : إنّ الخروج عبارة عن كون الفرد محكوماً بحكم مخالف للحكم في العام ، فإن كان الحكم المخالف في ذلك الفرد مطلقاً كان خروجه مطلقاً ، وإن كان محدوداً بزمان خاصّ كان خروجه مقصوراً على ذلك الزمان ، وليس ذلك التزاماً بالعموم الأزماني.
ولا يخفى أنّ ذلك لو تمّ لوجب في الصورة الأُولى ـ أعني صورة التردّد ـ الاقتصار في الخروج على القدر المتيقّن والرجوع فيما عداه إلى العموم الأفرادي ،
__________________
(١) المصدر المتقدّم : ٢٧٤.