يقتضي التكرار ولا الاستمرار لا في المتعلّق ولا في الحكم ، إذ لا دخل لهذه الجهة ـ أعني بقاء الحكم وعدم نسخه ـ في عدم سقوطه بامتثاله الحاصل بأوّل وجود من وجودات الطبيعة التي تعلّق بها ، وأمّا الوجوب المتعلّق بالصلوات اليومية فأجنبي عن هذه الجهة من الدوام والبقاء وعدم النسخ ، بل إنّ لنا في باب الصلوات الموقّتة في كلّ يوم وكلّ وقت وجوباً مستقلاً لا ربط له بالوجوب في اليوم الآخر ولا بالوقت الآخر.
ولا يخفى أنّ هذه الجهة من الدوام التي هي بمعنى البقاء وعدم النسخ لا يعقل إرجاعها إلى المتعلّق ولا دخل لها بالمتعلّق ، بل يتعيّن لحوقها للحكم ، وكأنّها هي التي عناها قدسسره بقوله : إنّها فوق الحكم ، وقد تقدّم (١) ذلك مشروحاً عندما احتملنا أنّ مراده قدسسره من العموم الأزماني في ناحية الحكم هو هذه الجهة أعني بقاءه وعدم نسخه ، وقد عرفت أنّ بقاء الحكم وعدم نسخه الذي تعرّض له قوله صلىاللهعليهوآله : « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة » (٢) لا دخل له بما هو محلّ الكلام من العموم الأزماني الصالح في حدّ نفسه للرجوع إلى المتعلّق كما هو صالح للرجوع إلى الحكم ، فلاحظ وتدبّر.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّه إذا لم يكن لدينا إلاّوجوب متعلّق بصرف الطبيعة لم يكن في البين ما يقتضي العموم الأزماني لا في الحكم ولا في المتعلّق ، وكان قضية ذلك هو الاكتفاء بأوّل وجود ، أمّا إذا زيد على ذلك العمومُ الأزماني سواء كان في ناحية الحكم أو كان في ناحية المتعلّق ، فلا ريب في أنّ مقتضاه هو لزوم التكرار ، أمّا على الثاني فواضح ، وأمّا على الأوّل فلأنّه لا معنى لقوله : يجب
__________________
(١) في الصفحة : ٣٤٣ وما بعدها.
(٢) الكافي ١ : ٥٨ / باب البدع والرأي والمقاييس ح ١٩.