لا ينبغي الإشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه.
مثلاً لو علمنا أنّه يعتبر في الكرّ أن يكون بذلك الحدّ الأكثر الذي كان الماء واجداً له ، ولكن احتملنا أن يكون اعتبار ذلك الأكثر مقيّداً بما إذا كان الماء موفوراً لدينا دون ما إذا كان وجوده قليلاً على وجه يصعب تحصيله أو لا يمكن ، وقد وجد لنا ماء كثير في حال التمكّن ، ثمّ إنّه تعذّر وجود الماء ، وقد نقص هذا الماء الذي لدينا إلى حدّ القلّة ، فهل ترى أنّا نستصحب الكرّية بمفاد كان التامّة أو بمفاد كان الناقصة ، الظاهر أنّه لا يوافق الشيخ قدسسره على ذلك ولا غيره.
ثمّ لا يخفى أنّ في نسخ الرسائل اختلافاً في التفاضل بين هذه الوجوه الثلاثة ، ففي بعض النسخ ما نصّه : وأمّا الوجه الثالث فهو مبني على الأصل المثبت وستعرف بطلانه فتعيّن الوجه الثاني (١). ولكن في بعض هذه النسخ قد ضرب على هذه العبارة ، وفي بعض النسخ : وقد عرفت أنّه لولا المسامحة العرفية في المستصحب وموضوعه لم يتمّ شيء من الوجهين ( التوجيهات ) لكن الإشكال بعد في الاعتماد على هذه المسامحة العرفية المذكورة الخ (٢).
وأنت خبير بأنّه بنفسه قدسسره بناءً على هذه النسخ قد أبطل الوجه الثالث بالمثبتية ، كما أنّه قد أبطل باب التسامح العرفي ، فلا وجه لتوجّه الإشكال عليه بشيء من الوجهين ، فلاحظ.
ثمّ إنّه قبل هذه العبارة قال ما هذا لفظه : وحيث إنّ بناءهم على استصحاب نفس الكرّية دون الذات المتّصف بها كشف عن صحّة الأوّل من الأخيرين الخ.
والظاهر أنّ مراده هو أنّ بناءهم على استصحاب نفس الكرّية بمفاد كان
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٢.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٢.