ذلك حتّى فيما لو كان المتعذّر هو ما يسمّونه ركناً ، ألا ترى أنّه لو أمر باكرام العلماء على نحو العموم المجموعي ، واتّفق بعد توجّه هذا التكليف أن تعذّر إكرام الجميع إلاّفرداً واحداً أو فردين من العلماء ، هل نشكّ أو يشكّ أحد في وجوب إكرام الباقي ولو كان فرداً واحداً أو فردين بعد أن كان الجميع مائة فرد مثلاً ، وهل نشكّ في أنّ هذا الوجوب الوارد على الواحد الباقي هو عين الوجوب الذي كان وارداً عليه في ضمن المائة.
وإنّما فرضنا تعذّر إكرام البعض لا فقد البعض لأنّ فقد البعض خارج عن الاستصحاب ، لأنّه إنّما يجب فيه إكرام الباقي لأجل أنّ انضمام المفقود لم يكن اعتباره إلاّبشرط وجوده ، لكون القضية حقيقية ، فلا يكون وجوب الباقي إلاّمن جهة سقوط اعتبار المفقود لا من جهة الاستصحاب ، وكون القضية حقيقيّة يكون الحكم فيها ولو ضمنياً منوطاً بوجود ما يتعلّق به ذلك الوجود الضمني لا ينافي المجموعية. وإن شئت فقايس ما نحن فيه ببياض الجزء الباقي من الجسم الأبيض.
نعم ، في الواجبات العددية مثل إطعام ستّين مسكيناً قد يقال بعدم وجوب الباقي ، وعدم جريان استصحاب وجوبه حتّى لو كان المتعذّر واحداً ، وكذا في صيام الشهرين المتتابعين ونحو ذلك ، لا من جهة أنّ الاستصحاب لا يجري في الباقي لو تعذّر المعظم ، لما عرفت من عدم وجوب الباقي حتّى لو كان المتعذّر واحداً ، بل لما عرفت من اعتبار العدد الخاصّ الموجب لركنية كلّ واحد من تلك الآحاد.
ومن ذلك يظهر لك أنّ الاستصحاب أوسع دائرة من قاعدة الميسور لاختصاصها بما إذا كان الباقي هو معظم الأجزاء ، بخلاف الاستصحاب فإنّه على