حصر ناقض اليقين باليقين ، وأنّ الظنّ لا ينقض اليقين السابق ، لم يكن ذلك وجهاً آخر في قبال ما نقله من الصحاح ، بل أقصى ما فيه أنّه مؤيّد له ، بل هو من جملة الشواهد على ردّ دعوى الانصراف.
وإن كان راجعاً إلى دعوى أنّ المراد بالشكّ هو عدم الإحراز ، وأنّ المراد من اليقين الناقض لليقين السابق هو مجرّد الاحراز ، توجّه عليه أنّ مقتضاه كون الأمارات الشرعية واردة على الأُصول لا حاكمة ، وأنّ الظنّ غير المعتبر ملحق موضوعاً بالشكّ ، كما أنّ الظنّ المعتبر ملحق موضوعاً باليقين ، لا أنّهما ملحقان بهما حكماً.
ولعلّه يريد بهذه الاضافة ما تقدّم ذكره وحاصله : أنّ الشكّ وإن كان هو عبارة عن تساوي الطرفين إلاّ أنّه أخذ من حيث لازمه الأعمّ الذي هو التحيّر و [ عدم ] الإحراز ، و [ لمّا ] كان الظنّ غير المعتبر غير رافع لذلك التحيّر لم يكن موجباً لسقوط الاستصحاب ، وحينئذ فتكون هذه الاضافة مغايرة لما أفاده أوّلاً من النقل عن الصحاح ، لأنّ تلك دعوى مرجعها إلى الاستعمال ، ولأجل ذلك استدلّ الشيخ عليها واستشهد لها بموارد الاستعمال ، وهذه دعوى مرجعها إلى أنّ الشكّ لم يستعمل إلاّفي معناه الذي هو نفس تساوي الطرفين ، ولكن أخذه موضوعاً للاستصحاب لا من حيث ذاته وكونه صفة خاصّة قائمة بنفس الشاكّ ، بل من حيث كونه موجباً للتحيّر وعدم إحراز الواقع به ، وحينئذ يكون قيام الأمارة الشرعية مقام الاستصحاب من باب الحكومة لا من باب الورود ، فتأمّل.
ولعلّ المنشأ في كونه من باب الحكومة هو أنّ الاحراز في الأمارات الشرعية لمّا لم يكن وجدانياً كاليقين بل كان بجعل الشارع ، كان تقدّمها على الاستصحاب من باب الحكومة ، لأنّ المايز بين الحكومة والورود هو الاحتياج