ثمّ إنّه بعد البناء على ذلك يكون المعارض لاستصحاب الحرمة التعليقية منحصراً باستصحاب حلّية الزبيب ، ولكن هل يكون استصحاب تلك الحلّية المحدودة أو استصحاب عدم حدوث الحلّية المطلقة حاكماً على استصحاب الحلّية الثابتة في حال الزبيبية إلى ما بعد الغليان؟ الظاهر العدم ، لأنّ استصحاب تلك الحلّية المحدودة أو استصحاب عدم حدوث الحلّية المطلقة ، لا يزيل الشكّ في تلك الحلّية الثابتة في حال الزبيبية المردّدة بين الحلّية المطلقة والحلّية المحدودة ، إذ لا يثبت بهذين الاستصحابين كون تلك الحلّية الثابتة في حال الزبيبية حلّية محدودة ، وأمّا استصحاب حال نفس الغليان ، وأنّه قد كان في حال العنبية سبباً للحرمة وغاية للحلّية ، فهو لو تمّ لكان نافعاً في إزالة الشكّ من الجهتين ، وقاضياً بأنّ غليان عصير الزبيب كغليان عصير العنب في كونه سبباً لحرمته وحدّاً وغاية لحلّيته ، إلاّ أنّه على الظاهر لا مورد فيه للاستصحاب ، إذ ليست سببية السبب وحدّية الحدّ وغائية الغاية من المجعولات الشرعية ، وإنّما المجعول الشرعي هو الحرمة على تقدير وجود ذلك السبب الذي هو الغليان والحلّية المحدودة والمغيّاة بالغليان ، وعن جعل الشارع الحرمة على تقدير الغليان ينتزع العقل كون الغليان سبباً للحرمة ، وعن جعل الحلّية محدودة ومغيّاة بالغليان ينتزع العقل كون الغليان حدّاً وغاية للحلّية.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده المرحوم الحاج آغا رضا الهمداني قدسسره في طهارته بعد أن استدلّ بالاستصحاب التعليقي ، قال : والخدشة فيه بأنّ المستصحب وهو نجاسة ماء العنب على تقدير غليانه تعليقي فلا اعتداد به ، لأنّه يعتبر في الاستصحاب كون المستصحب موجوداً قبل زمان الشكّ ، مدفوعة