لاستصحاب الحرمة التعليقية ، ولا يتمّ ما أفاده في الكفاية من أنّ جريان استصحاب تلك الحلّية لا يضرّ باستصحاب الحرمة التعليقية.
لا يقال : إنّ كون ملاك الحلّية مقصوراً على ما قبل الغليان ، أو كونه فيما بعد الغليان مغلوباً لملاك التحريم ، لا يوجب كون الحلّية المجعولة على طبقه محدودة شرعاً بالغليان ، بل يمكن جعل الحلّية غير محدودة بذلك لكنّه يرفعها عند الغليان إمّا لانتهاء ملاكها أو لأجل مغلوبيته حينئذ.
لأنّا نقول : إنّ ذلك وإن كان ممكناً كما شرحناه في النسخ (١) وأنّه من قبيل الرفع لا الدفع ، إلاّ أنّه لا يخرج عن التصرّف الشرعي بجعل الغليان رافعاً للحلّية الذي هو عبارة عن رفعها عند الغليان ، وحينئذ لا تكون الحلّية الثابتة للعنب حلّية مطلقة بل إمّا محدودة بالغليان وإمّا مرفوعة بالغليان ، وهذا المقدار من الفرق لا يوجب الخلل فيما رامه صاحب الكفاية قدسسره من أنّ استصحاب تلك الحلّية لا يعارض استصحاب الحرمة التعليقية ، لأنّ استصحاب الحلّية التي هي محدودة بالغليان أو الحلّية التي ترتفع شرعاً بالغليان يكون حاكماً بانعدامها بعد الغليان ، فلا يكون معارضاً لاستصحاب الحرمة التعليقية ، هذا.
مضافاً إلى ما يستفاد من بعض أخبار المسألة من تحديد الحلّية بالغليان مثل قوله عليهالسلام في صحيحة حمّاد : « لا يحرم العصير حتّى يغلى » (٢) وفي أُخرى له « سألته عن شرب العصير ، قال عليهالسلام : تشرب ما لم يغل ، وإذا غلى فلا تشربه » (٣) الخ.
__________________
(١) راجع المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٨٩ وما بعدها.
(٢) وسائل الشيعة ٢٥ : ٢٨٧ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ٢٥ : ٢٨٧ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣ ح ٣.