ثمّ لا يخفى أنّ الشكّ في بقاء الحكم الجزئي قد يكون من جهة الشكّ في النسخ ، وقد يكون من جهة الشكّ في الرافع ، وقد يكون من جهة الشكّ في رافعية الموجود وكذا من حيث الغاية. وأمّا ما أفاد من جهة الشكّ في عارض عرض لموضوعه ، فهو محلّ الإشكال من حيث وحدة الموضوع ، وهو داخل في القسم الثاني الذي ذكره لاستصحاب الحكم الكلّي ، في مقابل القسم الأوّل الذي يكون منشأ الشكّ فيه هو النسخ ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ الذي ينبغي أوّلاً هو إخراج الشكّ في النسخ ، ثمّ إخراج الشكّ في الغاية والرافع ، سواء كانا على نحو الشبهة الموضوعية أو كانا على نحو الشبهة الحكمية. وفي كلّ منهما لا يكون المستصحب إلاّ الحكم الفعلي الشخصي ، غايته أنّ مجري الاستصحاب في الشبهة الموضوعية هو المقلّد ، وفي الشبهة الحكمية هو المجتهد.
واعلم أنّ الشكّ في رافعية الموجود وغائية الموجود كما يتصوّر فيه الشبهة الحكمية ، فكذلك يتصوّر فيه الشبهة الموضوعية ، بأن يتردّد في الظلام الموجود هل هو ليل أو هو من جهة الغيم ، أو يتردّد في البلل الخارج بين البول والمذي.
ثمّ بعد إخراج هذه الأقسام ، ينحصر استصحاب الحكم بموارد الشكّ في بقائه لأجل تبدّل حالة من حالات الموضوع التي يحتمل مدخليتها ، فيجري الاستصحاب بعد الفراغ عن التسامح العرفي ، إمّا بدعوى كون الجهة الزائلة بنظر العرف من الحالات ، أو بدعوى كونها بنظرهم من قبيل العلّة لا الموضوع ، على التفصيل الذي مرّ بعضه (١) ويأتي في خاتمة الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
وعلى أيّ حال ، لا يكون المستصحب إلاّ الحكم الجزئي الفعلي المتحقّق
__________________
(١) في الحاشية السابقة.