عوضاً عن أن يقول : قتل فلان وقتل فلان ، إلى آخر الأفراد ، وبناءً على ذلك لا يكون الإشكال في استصحاب عدم النسخ منحصراً بتبدّل الموضوع ، بل هناك إشكال آخر وهو انحصار الأحكام بمن كان موجوداً في حال جعلها ، وعدم سرايته إلى من يوجد بعد ذلك إلاّبنحو الإجماع على الاشتراك في الحكم ونحوه.
ولأجل ذلك قال في الكفاية : وإلاّ لما صحّ الاستصحاب في الأحكام الثابتة في هذه الشريعة ، ولا النسخ بالنسبة إلى غير الموجود في زمان ثبوتها (١) فإنّ الحكم إذا كان مختصاً بالموجودين لم يمكن تسريته بالاستصحاب إلى المعدومين ، وكذلك لم يكن ارتفاعه عن المعدومين من قبيل النسخ.
ولعلّه لأجل ذلك أفاد شيخنا قدسسره في التحرير المطبوع في صيدا (٢) ما محصّله أوّلاً : إجراء الإشكال في المعدومين في هذه الشريعة بل في الغائبين ، ثمّ قاس عليه الاستصحاب في أحكام الشريعة السابقة ، فلاحظ.
وربما يقال : إنّ المراد من القضية الخارجية هو ما ذكرتموه ، ولكن لا تكون الأفراد المحكومة عليها مختصّة بالموجودين ، بل يكون المحكوم عليه هو جميع الأفراد حتّى من يأتي بعد ذلك ، بأن يكون الحاكم قد تصوّر جميع تلك الأفراد الموجودة والتي توجد فيما بعد ، وجعل لكلّ واحد منها حكماً مستقلاً ، وفي مقام الحكاية عن تلك الأحكام التي جعلها المفروض تباينها وتباين موضوعاتها يحكيها بعبارة واحدة ، بأن يقول : حرّمت شرب الخمر مثلاً على كلّ فرد من تلك الأفراد الموجودة والتي توجد فيما بعد ، أو يقول : حرّمته على جميعهم ، أو يقول : على جميع المكلّفين ، أو يقول : على الأفراد التي هي من أهل شريعتي ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤١٣.
(٢) لاحظ أجود التقريرات ٤ : ١٢٧ ـ ١٢٨.