ويمكن الجواب عنه : بأنّا لا نريد من استصحاب حكم المدرك إثبات لازمه الواقعي وهو حكم غير المدرك ، بل نريد من استصحاب حكم المدرك إثباته ظاهراً ، وننتقل من إثباته ظاهراً إلى إثبات الحكم ظاهراً في حقّ غير المدرك بدعوى أنّ دليل الاشتراك كما يقضي بالملازمة بين الحكمين واقعاً ، فكذلك يقضي بالملازمة بينهما ظاهراً ، وهذا هو الذي أجاب عنه بقوله : بداهة أنّ الاشتراك إنّما يكون في التكاليف الواقعية ، وأمّا التكاليف الظاهرية التي تؤدّي إليها الأُصول العملية فليس محلّ لتوهّم الاشتراك فيها الخ (١) وحاصله إنكار الملازمة بين [ الحكمين ] الظاهريين ، فإنّ الملازمة إنّما جاءت من دليل الاشتراك ، وهو مختصّ بالأحكام الواقعية هذا ، مضافاً إلى أنّ الملازمة بين الحكمين الظاهريين إنّما تنفع بعد إثباتنا الحكم الظاهري في حقّ المدرك ، والمفروض أنّا لا يمكننا إثباته بالاستصحاب لعدم الأثر في حقّنا ، فلاحظ.
قوله : وأمّا الوجه الثاني ففيه : أنّ العلم الاجمالي بنسخ جملة من الأحكام التي كانت في الشرائع السابقة ينحلّ بالظفر بمقدار من الأحكام المنسوخة ... الخ (٢).
لكن هذا إنّما ينفع بعد العثور على المقدار المذكور ، أمّا قبله فينبغي أن يكون العلم الاجمالي مانعاً من إجراء استصحاب عدم النسخ ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٨٠.