الاعتباري ، وأقصى ما في ذلك هو التنزيل منزلة العلم ، وقد عرفت ما يلزم عليه ، فراجع ما حرّرناه في التعليق على الجزء الأوّل في مباحث جعل الطرق (١) وفي مباحث العلم الصفتي والطريقي خصوصاً حواشي ص ٩ من الجزء الأوّل (٢).
قوله : فهي عندهم محرزة للمؤدّى وكاشفة عنه وواسطة لإثبات مقاصدهم كالعلم ، والشارع قد أبقاها على حالها وأمضى ما عليه العرف ... الخ (٣).
توضيحه : أنّ الأمارات العقلائية وإن كانت في حدّ ذاتها كاشفة عن الواقع ، لكنّه كشف ناقص مقرون باحتمال الخلاف ، ومع ذلك فالعقلاء يرون أنّها محرزة للواقع ، ويثبتون بها مقاصدهم ويجرون عليها في مقام العمل ، حتّى لو لم تكن مفيدة للظنّ الشخصي فضلاً عن العلم القطعي ، بل يكون الظنّ النوعي كافياً عندهم في الكاشفية ، بحيث إنّهم يجعلونها كاشفة عن الواقع كشفاً تامّاً ، ويلتزمون بالغاء احتمال الخلاف فيها ولا يعتنون به ، وما ذلك إلاّلتعبّدهم عقلائياً بتتميم كشفها وجهة نقصها في الكاشفية ، وهذا المعنى ـ أعني حكمهم بتتميم كشفها وإلغاء احتمال الخلاف فيها وإلحاقها بالعلم ـ هو الذي أمضاه الشارع ، وبواسطة أنّ مرجع الامضاء إلى جعل المماثل يكون الشارع قد تمّم كشفها ، وألغى احتمال الخلاف فيها ، وبعد ذلك الحكم العقلائي الذي قد أمضاه الشارع يكون الجري العملي على طبقها قهرياً ولازماً ذاتياً لانكشاف الواقع ، وهذا
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٩٩ وما بعدها.
(٢) لاحظ المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٨٢ ـ ٨٩.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٤٨٥.