مصيري إلى باب المتوكل وقبل أن يعرف أحد قدومي قال : فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره فقلت : كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا؟ لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره.
قال : ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج في البلد ولا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحدا قال : فجعلت الدنانير في كاغذة وجعلتها في كمي وركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع والاسواق يمر حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار ، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار ، فقيل : هذه دار ابن الرضا! فقلت : الله أكبر دلالة والله مقنعة.
قال : وإذا خادم أسود قد خرج فقال : أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت : نعم قال : انزل فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل فقلت في نفسي : هذه دلالة اخرى من أين عرف هذا الغلام اسمي وليس في هذا البلد من يعرفني ولادخلته قط.
قال : فخرج الخادم فقال : مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها! فناولته إياها قلت : وهذه ثالثة ثم رجع إلي وقال : ادخل فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده فقال : يا يوسف ما آن لك؟ فقلت : يا مولاي قدبان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى ، فقال : هيهات إنك لا تسلم ولكن سيسلم ولدك فلان ، وهو من شيعتنا ، يا يوسف إن أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم ، كذبوا والله إنها لتنفع أمثالك امض فيما وافيت له فانك سترى ما تحب قال : فمضيت إلى باب المتوكل فقلت كل ما أردت فانصرفت.
قال : هبة الله : فلقيت ابنه بعد هذا ـ يعني بعد موت والده ـ والله وهو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات على النصرانية ، وأنه أسلم بعد موت أبيه ، وكان يقول : أنا بشارة مولاي عليهالسلام (١).
٢٩ ـ يج : روى أبوهاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأى
____________________
(١) مختار الخرائج والجرائح ص ٢١٠.