فلما كان بعد أيام سعى البطحائي (١) بأبي الحسن عليهالسلام إلى المتوكل فقال : عنده سلاح وأموال ، فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلا عليه ، ويأخذ ما يجد عنده من الاموال والسلاح ، ويحمل إليه فقال إبراهيم بن محمد : قال لي سعيد الحاجب : صرت إلى دار أبي الحسن عليهالسلام بالليل ، ومعى سلم ، فصعدت منه إلى السطح ، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة ، فلم أدر كيف أصل إلى الدار فناداني أبوالحسن عليهالسلام من الدار : ياسعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة من صوف وقلنسوة منها وسجادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة فقال لي : دونك بالبيوت.
فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا ، ووجدت البدرة مختومة بخاتم ام المتوكل وكيسا مختوما معها ، فقال أبوالحسن عليهالسلام : دونك المصلى فرفعت فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس ، فأخذت ذلك وصرت إليه فلما نظر إلى خاتم امه على البدرة بعث إليها ، فخرجت إليه ، فسألهاعن البدرة ، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له : كنت نذرت في علتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمك على الكيس ما حركها.
____________________
(١) هو أبوعبدالله محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين عليهماالسلام. وهو وأبوه وجده كانوا مظاهرين لبنى العباس على سائر أولاد أبى طالب.
قال في عمدة الطالب : كان الحسن بن زيد أمير المدينة من قبل المنصور الدوا نيقى وكان مظاهرا لبنى العباس على بنى عمه الحسن المثنى ، وهو أول من لبس السواد من العلويين.
وقال في القاسم بن الحسن : أنه كان زاهدا عابدا ورعا ، الا أنه كان مظاهرا لبنى العباس على بنى عمه الحسن ، وقال في محمد بن القاسم : أنه يلقب بالبطحانى ـ منسوبا إلى بطحاء ـ أو إلى البطحان ـ واد بالمدينة ، قال العمرى : وأحسب أنهم نسبوه إلى أحد هذين الموضعين لادمانه الجلوس فيه وكان محمد البطحانى فقيها.