يحيى بن هرثمة حتى وصل سرمن رأى ، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه ، فنزل في خان يقال له خان الصعاليك ، وأفام به يومه ، ثم تقدم المتوكل بافراد دارله ، فانتقل إليها (١).
أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليهالسلام يوم وروده فقلت له : جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك ، والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا المكان الاشنع
____________________
قال يحيى : فذهبت إلى المدينة ، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ماسمع الناس بمثله خوفا على على ـ عليهالسلام ـ وقامت الدنيا عليه ساق ، لانه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد ، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا.
قال يحيى : فجعلت أسكنهم وأحلف لهم : أنى لم أؤمر فيه بمكروه ، وأنه لابأس عليه ثم فتشت منزله ، فلم اجد فيه الامصاحف وادعية وكتب العلم ، فعظم في عينى وتوليت.
خدمته بنفسى ، وأحسنت عشرته.
فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهرى ـ وكان واليا على بغداد ـ فقال لى : يا يحيى! ان هذا لرجل قدولده رسول الله ، والمتوكل من تعلم ، فان حرضته عليه قتله. وكان رسول الله خصمك يوم القيامة ، فقلت له : والله ما وقفت منه الاعلى كل أمر جميل ثم صرت به إلى سرمن رأى فبدأت بوصيف التركى فأخبرته بوصوله ، فقال : والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها الاسواك ، فتعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق.
فلما دخلت على المتوكل سألنى عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه و زهادته وانى فنشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم ، وان أهل المدينة خافوا عليه.
فأكرمه المتوكل ، وأحسن جائزته ، وأجزل بره ، وأنزله معه سرمن رأى.
(١) تراه في اعلام الورى ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ، فراجع.