أين الوجوه التي كانت منعمة |
|
من دونها تضرب الاستار والكلل |
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم |
|
تلك الوجوه عليها الدود تقتتل |
قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا |
|
وأصبحوا اليوم بعد الاكل قد اكلوا |
قال : فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينيه ، وبكى الحاضرون ، و دفع إلى علي عليهالسلام أربعة آلاف دينار ، ثم رده إلى منزله مكرما (١).
اقول : روى الكراجكي في كنز الفوائد وقال : فضرب المتوكل بالكأس
____________________
(١) روى المسعودى عن المبرد قال : وردت سرمن رأى فادخلت على المتوكل وقد عمل فيه الشراب ، وبين يديه المتوكل البحترى الشاعر فابتدا ينشده قصيدة يمدح بها المتوكل أولها :
عن أى ثغر تبتسم |
|
وبأى طرف تحتكم |
حسن يضبئ بحسنه |
|
والحسن أشبه بالكرم |
قل للخليفة جعفر |
|
المتوكل ابن المعتصم |
المرتضى ابن المجتبى |
|
والمنعم بن المنتقم |
إلى أن قال :
نلنا الهدى بعد العمى |
|
بك والغنى بعد العدم |
فلما انتهى ، مشى القهقرى للانصراف ، فوثب أبوالعنبس فقال : يا أمير المؤمنين تأمر برده ، فقد والله عارضته في قصيدته هذه ، فأمر برده فأخذ أبوالعنبس ينشد :
من اى سلح تلتقم |
|
وبأى كف تلتطم |
أدخلت رأس البحترى |
|
أبى عبادة في الرحم |
ووصل ذلك بما اشبهه من الشتم ، فضحك المتوكل حتى استلقى على قفاه ، وفحص برجله اليسرى وقال يدفع إلى ابى العنبس عشرة آلاف درهم ، فقال الفتح : ياسيدى البحترى الذى هجى واسمع المكروه ينصرف خائيا؟ قال : ويدفع إلى البحترى عشرة آلاف درهم.