وصيرت كتاب جعفر في درجة ، فخرج إلى الجواب في ذلك :
« بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله والكتاب الذي في درجه وأحاطت معرفتي بما تضمنه على اختلاف ألفاظه ، وتكرر الخطاء فيه. ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ، والحمدلله رب العالمين حمدا لاشريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبى الله عزوجل للحق إلا تماما ، وللباطل إلا زهوقا وهو شاهد علي بما أذكره ، ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا ليوم لاريب فيه ، و سألنا عما نحن فيه ، مختلفون ، وأنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة ، ولا طاعة ولاذمة ، وسابين لكم جملة تكتفون بها إنشاء الله
يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ، ولا أمهلهم سدى بل خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوباوألبابا ، ثم بعث إليهم النبيين عليهمالسلام مبشرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته ، وينهونهم عن معصيته ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم بالفضل الذي لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة ، و البراهين الباهرة ، والايات الغالبة.
فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما ، واتخذه خليلا ، ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ، ومنهم من أحيى الموتى باذن الله وأبرأ الاكمه والابرص باذن الله ، ومنهم من علمه منطق الطير ، واوتي من كل شئ.
ثم بعث محمدا صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين وتمم به نعمته ، وختم به أنبياءه ورسله إلى الناس كافة ، وأظهر من صدقه ما ظهر ، وبين من آياته وعلاماته مابين ، ثم قبضه حميدا فقيدا سعيدا وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي ابن أبي طالب ثم إلى الاوصياء من ولده واحدا بعد واحد ، أحيابهم دينه ، وأتم بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والادنين فالادنين من ذوي أرحامهم فرقابينا تعرف به الحجة من المحجوج ، والامام من المأموم.