دخلت على أبي أحمد عبيدالله بن عبدالله بن طاهر وبين يديه رقعة أبي محمد عليهالسلام فيها « إني نازلت الله في هذا الطاغي يعني المستعين (١) وهو آخذه بعد ثلاث » فلما كان
____________________
(١) بويع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم في اليوم الذى توفى فيه المنثصر يوم الاحد لخمس خلون من ربيع الاخر سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وكان بغا ووصيف من الاتراك متوليين لامر الخلافة في زمانه وأنزلاه في دار السلام ، دار محمد بن عبدالله ابن طاهر.
فاضطربت الاتراك والفراعنة وغيرهم من نظرائهم من الموالى بسامراء ، فأجمعوا على بعث جماعة منهم اليهم يسألونه الرجوع إلى دار ملكه ، واعترفوا بذنوبهم ، وتضمنوا أن لا يعودوا ولا غيرهم من نظرائهم إلى شئ مما أنكر عليهم ، وتذللوا له فأجينوا بما يكرهون.
فانصرفوا إلى سرمن رأى فأعلموا أصحابهم وآيسوهم من رجوع الخليفة ، وقد كان المستعين أغفل أمر المعتز والمؤيد حين انحدر إلى بغداد ، ادلم يأخذهما معه ، وقد كان حذر من محمد بن الواثق فأحدره معه ، ثم انه هرب منه في حال الحرب.
فأجمع الموالى على اخراج المعتز والمبايعة له فأنزلوه مع أخيه المؤيد من الحبس وبايعوه في يوم الاربعاء لاحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة احدى وخمسين ومائتين وركب في غد ذلك اليوم إلى دار العامة ، فأخذ البيعة على الناس ، وخلع على أخيه المؤيد وعقد له عقد ين أسود وأبيض ، وأحدر أخاه أبا أحمد مع عدة من الموالى لحرب المستعين فسار إلى بغداد فلم تزل الحرب بينهم وأمور المعتز تقوى وحال المستعين تضعف.
فلما راى محمد بن عبدالله بن طاهر ذلك كاتب المعتز إلى الصلح على خلع المستعين فجرى بينهم العهود ، فخلع المستعين نفسه من الخلافة في ليلة الخميس لثلاث خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وأحدر هو وعياله إلى واسط بمقتضى الشرط ، ثم بعث المعتزفى شهر رمضان من هذه السنة سعيد بن صالح حتى أعرض المستعين قرب سامرا فاجتز رأسه وحمله إلى المعتز بالله وكان ابن خمس وثلاثين سنة.