على أبي فتأخر جعفر ، وقد اربد وجهه ، فتقدم الصبي فصلى عليه ، ودفن إلى جانب قبرأبيه.
ثم قال : يا بصري هات جوابات الكتب التي معك ، فدفعتها إليه ، وقلت في نفسي : هذه اثنتان بقي الهميان ، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء : يا سيدي من الصبي؟ ليقيم عليه الحجة فقال : والله ما رأيت قط ولاعرفته.
فنحن جلوس إذ قدم نفرمن قم ، فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا : فمن؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنؤوه ، وقالوا معنا كتب ومال ، فتقول : ممن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول : يريدون منا أن نعلم الغيب.
قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان ، وهميان فيه ألف دينار ، عشرة دنانير منها مطلية (١)
فدفعوا الكتب والمال ، وقالوا : الذي وجه بك لاجل ذلك هو الامام.
فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية ، وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت حملا بها لتغطي على حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي ، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فجاءة وخروج صاحب الزنج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن الجارية ، فخرجت عن أيديهم والحمدلله رب العالمين لاشريك له (٢).
بيان : « الجوسق » القصر ، « وجبذ » أي جذب وفي النهاية اربد وجهه أي تغير إلى الغبرة ، وقيل الربدة لون بين السواد والغبرة.
اقول : أوردنا بعض الاخبار في ذلك في باب من رأى القائم عليهالسلام (٣).
____________________
(١) مطلسة ظ ، والدينار المطلس الذى انمحى أثر نقشه.
(٢) كمال الدين ج ١ ص ١٥٠ ـ ١٥٢.
(٣) راجع ج ٥٢ ص ١٦ و ٤٢ و .. من طبعتنا هذه.