قال الشيخ الفاضل الكامل السديد يحيى بن سعيد قدس الله روحه في كتاب جامع الشرائع في باب اللعان أنه إذا وقع بالمدينة يستحب أن يكون بمسجدها عند منبره عليهالسلام.
ثم قال : وفي هذه السنة وهي سنة أربع وخمسين وست مائة في شهر رمضان احترق المنبر وسقوف المسجد ثم عمل بدل المنبر.
وقال صاحب كتاب عيون التواريخ من أفاضل المخالفين في وقايع السنة الرابع والخمسين والستمائة : وفي ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان احترق مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله في المدينة ، وكان ابتداء حريقه من زاوية الغربية من الشمال ، وكان أحد القومة قد دخل خزانة ومعه نار فعلقت في بعض الالات ، ثم اتصلت بالسقف بسرعة ، ثم دبت في السقوف آخذة مقبلة فأعجلت الناس عن قطعها.
فما كان إلا ساعة حتى احترق سقوف المسجد أجمع ، ووقع بعض أساطينه وذاب رصاصها ، وكل ذلك قبل أن ينام الناس ، واحتراق سقف الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ووقع ما وقع منه بالحجرة ، وبقي على حاله ، وأصبح الناس يوم الجمعة فعزلوا موضع الصلاة انتهى.
والقرامطة هدموا الكعبة ، ونقلوا الحجر الاسود ، ونصبوها في مسجد الكوفة وفي كل ذلك لم تظهر معجزة في تلك الحال ، ولم يمنعوا من ذلك على الاستعجال ، بل ترتب على كل منها آثار غضب الله تعالى في البلاد والعباد بعدها بزمان ، كما أن في هذا الاحتراق ظهرت آثار سخط الله على المخالفين في تلك البلاد ، فاستولى الاعراب على الروم وأخذوا منهم أكثر البلاد ، وقتلوا منهم جما غفيرا وجمعا كثيرا ، وتزداد في كل يوم نائرة الفتنة. والنهب والغارة ، في تلك الناحية ، اشتعالا وقد استولى الافرنج على سلطانهم مرارا وقتلوا منهم خلقا كثيرا وكل هذه الامور من آثار مساهلتهم في امور الدين. وقلة اعتنائهم بشأن أئمة الدين سلام الله عليهم أجمعين.