وقد غفل الإنسان أن هذه وأمثالها من الأمور الغيبية التي استأثرها الله سبحانه بعلمه الذي لم يطلع عليه أحد. ومع ذلك فقد نوه القرآن الكريم إلى معنى الروح ولو إجمالاً فقد تعرض إلى روح آدم وروح عيسى عليهماالسلام ...
ففي معرض خلق آدم وسجود الملائكة ـ بإمر من الله تعالى : ـ ، قال عز وجل ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )...(١).
وفي خلق عيسى عليهالسلام قال تعالى : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقيها إلى مريم وروح منه ) (٢) وقوله تعالى : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ) (٣)
أما بالنسبة إلى خلق الإنسان قال تعالى : ( .. الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه...) (٤).
فما هي الروح...؟ ويسئلونك عن الروح ...
لقد أجاب سبحانه تعالى بجملة واحدة ( قل ـ يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) (٥).
إذن الروح ليست قديمة كما يزعم الفلاسفة القدماء والنصارى والمجوس بل هي حادثة مخلوقة ، لكن هل هي كسائر الموارد المخلوقة التي لها ورن وتشغل حيزاً من المكان؟! وهل تتصف بأشياء يدركها الحس الخارجي كاللون والطعم والشكل والأبعاد ... لقد عرف العلم الحديث أكثر من ست وثلاثين نوعاً من أحوال المادة وقد غاب عنه أضعاف ما عرفه ولا
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ٢٩.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١٧١.
(٣) سورة التحريم ، الآية : ١٢.
(٤) سورة السجدة ، الآية : ٧ ـ ٩.
(٥) سورة الإسراء ، الآية : ٨٥.