ذكره : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً ) (١) فقال أبو جعفر عليهالسلام : ( إلا من ارتضى من رسول ) ، كان الله محمد ممن ارتضاه ، وأما قوله تعالى : ( عالم الغيب ) فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يفضيه إلى الملائكة ، فذلك يا حمران ، علم موقوف عنده إليه فيه الشيئة ، فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم إلينا (٢).
الإمام سلام الله عليه في حديثه مع حمران يفرق بين العلم الذي استأثره الله لنفسه ، وهو الذي إن شاء يمضيه وإن لم يشاء لن يمضيه. هذا علم خاص به ، وبين العلم الذي قدره وأمضاه ، وهذا قد ينتهي إلى الرسول ومنه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الأئمة عليهمالسلام.
وعن سدير أيضاً قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليهالسلام إذا خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني فما علمت أي بيوت الدار هي ، قال سدير : فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير ومسير وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم عملاً كثيراً ، ولا ننسبك إلى علم الغيب ، قال : فقال : يا سدير ، ألم تقرأ القرآن؟ قلت : بلى ، قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل : ( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليم كرفك ) (٣) قال : قلت جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال : قلت أخبرني به؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال : قلت أخبرني به؟ قال قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟! قال : قلت جعلت فداك ما أقل هذا فقال : يا سدير ما أكثر هذا ، أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به ، يا سدير فهل
__________________
(١) سورة الجن ، الآية : ٢٦.
(٢) أصول الكافي ١ | ٢٥٦.
(٣) سورة النمل ، الآية : ٤٠.